للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رحمه الله- له أي: لمحمد، ولهما أي: لأبي حنيفة -رحمه الله- وأبي يوسف -رحمه الله (١) أن الوصف متى قرن، أي قوله: أن الوصف متى قرن بالعدد، أي: بالواحدة أو بالثنتين أو بالثلاث، وإنّما أطلق اسم العدد على الواحدة لما أنّها أصل العدد، يعني أنّ الوصف متى قرن بالعدد كان الكلّ كلامًا واحدًا في الإيقاع، فحينئذ كان الشّك الدّاخل في الواحدة [٣٣١/ أ] في الإيقاع، فحينئذ يصير نظير قوله: أنت طالق أولاً، وهناك لا يقع شيء بالإجماع (٢)، فكذا ههنا، والدّليل على أنّ الشّك إذا دخل في الواحدة كان كأنه دخل في أنت طالق، مسائل ثلاث:

أحديها: ما ذكر في الكتاب، وهو أنّه لو قال لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثاً، يقع الثلاث، ولو كان الوقوع بقوله: أنت طالق لما وقع الثلاث (٣).

والثّانية: أنّه لو قال لامرأته: أنت طالق واحدة إن شاء الله، لا يقع شيء، فلو كان الوقوع قوله: أنت طالق، لكان قوله: واحدة فاصلاً بين الاستثناء والواقع فلا يعمل الاستثناء.

والثّالثة: أنّه لو قال لها: أنت طالق واحدة.

أو قال: أنت طالق ثلاثاً فصادفها قوله: أنت طالق وهي حية، وصادفها العدد وهي ميتة لا يقع شيء، فلو كان الوقوع بقوله: أنت طالق لوقع الطّلاق، وثمرة ذلك تظهر في غير المدخول بها حتّى لو كانت مطلقة يجب نصف المسمّى، ولو لم تكن مطلقة يجب جميع المسمّى ويظهر أيضاً في حقّ أنّه لا يطلق امرأته فليس بشيء، أي: لا يقع شيء؛ لأنّ معنى قوله مع مولى أي بعد موتي.

ألا ترى أنّه لو قال: أنت طالق مع دخولك الدّار، فإنّ الدّخول يصير شرطًا، ولا يطلق إلا بعد الدّخول، فكذلك ههنا، ولو وقع الطلاق بهذا اللفظ إنما يقع بعد موته أو بعد موتها، ولا نكاح بينهما بعد موت أحدهما، ولأن للمقارنة وحال موت أحدهما حال ارتفاع النكاح، والطّلاق لا يقع إلا في حال استقرار النكاح، فإذا كان الإيقاع يقترن بالموت، كان الوقوع بعده (٤)؛ لأن الوقوع حكم الإيقاع والحكم يعقب السّبب، ولا يقترن به، - كذا ذكره شمس الأئمة السّرخسي -رحمه الله- في «الجامع الصّغير» (٥) - وَأَمَّا مِلْكُهُ إيَّاهَا فَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ؛ لأنّ إثبات الملك على الحرة ثابت على خلاف القياس، ولما طرأ عليه ملك اليمين وهو الحلّ القوي ينتفي للحل الضعيف.


(١) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٠٣)، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٩٦).
(٢) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ١٩٤)، المجموع شرح المهذب (١٧/ ١٤٠) الشرح الكبير على متن المقنع (٨/ ٢٨١).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٢٩٥).
(٤) يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٩٦)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٠٩).
(٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١١٧)، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٩٦)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٠٩).