للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا قوله: إن دخلت الدّار فأنت طالق واحدة لا بل ثنتين (١)، فإنما كان كذلك؛ لأن (لَا بَلْ) لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِإِقَامَةِ الثَّانِي مُقَامَ الْأَوَّلِ، فَصَحَّ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ بَعْدَمَا تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ بِالشَّرْطِ، فَتَتَعَلَّقُ الثَّانِيَةُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ بِلَا وَاسِطَةٍ كالأولى، فصار كأنّه أعاد الشّرط في حق الثنتين، عملاً بموجب (لا بل)، بخلاف ما إذا نجز بقوله: لا بل؛ لأنّها بانت بالأولى فلم يصحّ منه التكلّم بالثنتين لعدم المحلّ، فأمّا إذا قال: الثّانية والثّالثة بدون حرف العطف بأن قال: إن دخلت الدّار فأنت طالق واحدة واحدةواحدة، ثم دخلت طلقت واحدة بالاتفاق (٢)؛ لأنّه ما عطف الثّانية والثّالثة على الأولى فيتعلّق الأولى ويلغوا الثّانية والثّالثة، وأمّا إذا ذكر الثّانية بالفاء فقد ذكر حكمه في الكتاب هذا إذا كان تعليق الثّانية والثّالثة في الطّلاق، وأمّا إذا كان في الظّهار والإيلاء [٣٣٤/ ب] بأن قال: إن دخلت الدّار وإن تزوّجتك فأنت طالق وأنت عليّ كظهر أمي والله لا أقربك (٣)، ثمّ دخلت الدّار وتزوّجها طلقت وسقط عنه الإيلاء والظّهار عند أبي حنيفة (٤) -رحمه الله-؛ لأنّ تعليقها بالشّرط بواسطة الطّلاق فيشتق وقوع الطّلاق وتبين إلى عدة، فلا يكون مظاهراً ولا مولياً منها بعدما خرجت من ملكه، وعند أبي يوسف ومحمّد (٥) -رحمه الله- مطلق مظاهر مولى؛ لأنّ الكلّ تعلّق بالتزوّج عندهما جملة، ولو قال: إذا تزوّجتك فوالله لا أقربك، وأنت عليّ ظهر أمي وأنت طالق، ثم تزوّجها، وقع هذا كلّه عليهاأمّا عندهما فلا إشكالوعند أبي حنيفة (٦) -رحمه الله- فلأنه يشتق الإيلاء ويكون بعده محلاً للظّهار، فيصير مظاهراً، ثم يكون بعدهما محلاً للطّلاق فيقع الطّلاق - أيضاً -، وعلى هذا حكم التّعليق بدخول الدّار - كذا في «المبسوط» (٧) -.


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٣/ ١٣٩)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢١٤).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٢٠).
(٣) تطلق ولا يلزم الظهار؛ لأنها بانت قبل الظهار. يُنْظَر: الشرح الكبير (٢/ ٤٤٦)، والمبسووط (٦/ ٨٢)، والمدونة (٢/ ٣١٤).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢٨)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٢٠).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢٨)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٢٠).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢٨)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٢٠).
(٧) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢٨).