للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: هذا مسلم فيما كان ذلك حكمًا غير شرط لحكم آخر، وأما إذا كان هذا الحكم شرطًا لحكم آخر لا يشترط النية في هذا الشرط؛ لأن الشرط يراعى وجوده لا وجوده قصدًا كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] لما كان السعي شرطًا لأداء الجمعة لا يشترط النية في السعي أن يكون السعي لأجل الجمعة حتى أنه إذا سعى بغير قصد أداء الجمعة وحضر الجمعة فأدى يجوز، واستيعاب الرأس بالمسح في الوضوء سنة عند الشافعي أيضًا، كذا في «الخلاصة الغزالية» (١)، إلا أن الخلاف بيننا وبينه في التثليث بعد الاستيعاب، وكيفيته أن يبل كفيه وأصابع يديه، ويضع بطون ثلاثة أصابع من كل كف على مقدم الرأس، ويعزل السبابتين والإبهامين ويجافي الكفين ويجرهما إلى مؤخر الرأس، ثم يمسح الفودين (٢) بالكفين ويجرهما إلى مقدم الرأس، ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين، وباطن الأذنين بباطن السبابتين، ويمسح رقبته بظهر اليدين حتى يصير ماسحًا ببلل لم يصر مستعملاً، كذا علمنا عيانًا الأستاذ الشفيق مولانا فخر الدين المايمرغي.

إلا أن الرواية منصوصة في «المبسوط» (٣) على أن الماء لا يعطى له حكم الماء المستعمل حال الاستعمال، فقال: ألا ترى أن في المسنون يستوعب الحكم جميع الرأس كما في المغسولات، فكما أن في المغسولات الماء في العضو لا يصير مستعملاً فكذلك في حكم إقامة السنة في الممسوح، ولكن يجب أن يستعمل فيه ثلاث أصابع اليد في الاستيعاب ليقوم الأكثر مقام الكل حتى أنه لو مسح بإصبعه بجوانبها الأربعة لا يجوز في الأصح لعدم استعمال أكثر الأصابع.


(١) انظر: الخلاصة، المسمى خلاصته المختصر ونقاوة المعتصر للإمام الغزالي (ت ٥٠٥ هـ)، تحقيق: أمجد رشيد محمد علي، الناشر: دار المنهاج -جدة- السعودية- الطبعة الأولى ١٤٢٨ هـ، ذكر أن مسح الرأس من سنن الوضوء في الخلاصة (ص ٦٦).
(٢) الفودان: أي: الضفيرتان، يقال: لفلان فؤدان، انظر: الصحاح (٢/ ٥٢٠) لفظة (فيد).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٦٤) باب الوضوء والغسل.