ثم اعلم أنّ هذا التّعليق الذي ذكرنا فيما إذا كان التّعليق بصريح الشّرط وهو حرف الشرط يعمل في المعينة وغير المعينة، وأمّا إذا كان معلّقاً بمعنى الشّرط فهو إنّما يعمل في غير المعينة، بأن قال: المرأة التي أتزوّج طالق، فتزوج امرأته، تطلق ولا يعمل في المعينة، حتّى لو قال: هذه المرأة التي أتزوّجها فهي طالق، فتزوّجها لا تطلق؛ لأنّه عرفها بالإشارة فلا يراعى فيها الصّفة وهي التزوّج، فبقي قوله: هذه المرأة طالق، وأمّا حرف أن فيجمع الوجهين أي المعينة وغير المعينة، حتّى لو قال: إن تزوجت هذه المرأة فهي طالق، فتزوّجها تطلق، كما لو تزوّجها في قوله: إن تزوّجت امرأة وهذا للفرق بين صريح الشّرط ودلالته -كذا في أصول الفقه لفخر الإسلام (١) -، وجامع الصّغير للإمام التمرتاشي -رحمه الله- تزوّجت امرأة على أنّها طالق، صحّ النكاح ولم تطلق؛ لأنّه تعذر اعتبار الطّلاق بدلاً أو شرطًا؛ لأنّه تقارب النكاح فلا يعتبر أصلاً.
وكذا لو اشترى عبدًا على أنّه حر، صحّ الشراء ولم يعتق. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ زَوَّجْتنِي امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ، فَزَوَّجَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لم يصح، ولو قال بالفارسيّة: آكرد حتر فلان مراد هندورا طلاق، فتزوجها لا تطلق؛ لأنّه لم يذكر النكاح، ولو قال: يرني دهند، وباقي المسألة بحالها تطلّق، والمختار أنّها لا تطلّق؛ لأنّه حنث بالتزوّج قبل الدخول في نكاحه، فصار كما لو قال لامرأته: إن جلست في نكاحك فأنت طالق، فجلس، ثم تزوّجها لم تطلق؛ لأنّه حنث قبل التزوج -كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- فصحّ يمينًا، أي: عندنا؛ لأنّ التّطليق معلّق عندنا فيكون يمينًا أوإيقاعاً عند الشّافعي، فإن عنده كونها طالقاً معلقبالتطليق، فكان في الحال إيقاعاً، ولكن لم يثبت حكمه في الحال؛ لأنّ الجزاء لابدّ أن يكون ظاهراً أي غالب الوجود ليكون مخيفاً أي بوقوع الجزاء فيما إذا كان المقصود منه المنع، كما إذا قال لامرأته: إن دخلت الدّار فأنت طالق، فإنّه على تقدير الإقدام يلزم وقوع الطلاق الذي يلزم منه قطع إدرار النفقات وكفاية مؤناتها، فكان وقوع الطّلاق مخيفاً لها وذلك إنّما يكون بالإقدام على وجود الشّرط، فلذلك يمتنع عن الإقدام ثم علامة كون اليمين للمنع هي أن يدخل حرف الشّرط على المثبت، كما في: إن دخلت الدّار فأنت طالق.
(١) أصول الفقه الإمام، فخر الإسلام: علي بن محمد البزدويالحنفي، ولسغناقي شرح عليه، يسمى (الكافي). انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٨١).