للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحاصل أحوالهما لايخلو عن ثلاثة أوجه، فإن علما أنّ الغلام أوّل طلقت واحدة وانقضت عدتها بالجارية، فلا يقع شيء، وإن علما أن الجارية أوّل طلقت ثنتين، وإن اختلفا فالقول للزّوج؛ لإنكاره الزيادة، وإن قالا: لا ندري طلقت واحدة قضاء، وفي النسوة ثنتان، هذا في الولادة، ولو قال: إن كان حملك هذا جارية فأنت طالق، وإن كان غلاماً فثنتين، فولدتهما لم تقع؛ لأنّ الحمل اسم لجميع ما في البطن، وما في البطن ليس بغلام ولا جارية، فلم يوجد شرط الحنث، ألا ترى لو نظر إلى جوالق، فقال: إن كان فيه حنطة فامرأتي طالق، وإن كان فيه دقيق فعبدي حرّ، فإذا فيه حنطة ودقيق لم تطلق ولم يعتق، وكذا لو قال: إن كان ما في بطنك، ولو قال إن كان في بطنك، لزماه بوجود الشّرطين -كذا ذكره الإمام التمرتاشي-، والمراد بالتنزّه: التّباعد عن السّوء وعمّا هو في مضان الحرمة؛ إذ هما في حكم الطّلاق كشيء واحد، من حيث أنّ الطّلاق لا يقع إلا بهما.

فصار الشّرطان بمنزلة شرط واحد، ولو كان شرطًا واحداً لما وقع بدون وجود الملك، فكذلك ههنا إلا أن الملك يشترط حالة التّعليق إلى آخره، جواب سؤال مقدّر، وهو أن يقال: لما كان محلّ اليمين الذمّة، ينبغي أن لا يشترط الملك وقت تعليق اليمين، فأجاب عنه وقال: إنّما اشترط الملك وقت التّعليق لكون الجزاء غالب الوجود؛ لأنّ الملك إذا كان موجودًا وقت التّعليق فالظّاهر بقاءه باستصحاب الحال إلى وقت وجود الشّرط، واذا لم يوجد الملك وقت التعليق لا يكون الجزاء غالب الوجود، فلا يفيد اليمين فائدتها، وهي المنع عن الإقدام على وجود الشرط الذي يلزم منه نزول الجزاء، وفيما بين ذلك الحال حال بقاء اليمين فنستغني عن قيام الملك، كما إذا علّق طلاقها بالشّرط فأبانها وانقضت عدّتها، ثم تراجع بانت بالشّرط.

فإنّها تطلق بالإجماع (١)، واليمين لم يبطل بزوال الملك وكان كالنصاب إذا انتقص في خلال الحول لم يضره، وإن قال لها: إن دخلت الدّار فأنت طالق ثلاثاً، فطلّقها ثنتين إلى آخره، فائدة الخلاف لم يظهر في هذا الذي ذكره في الكتاب، فَإِنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ بِالِاتِّفَاقِ (٢)، أمّا عند محمّد -رحمه الله- فلعدم الهدم، وأمّا عندهما وإن وجد الهدم، فبالدخول في الدّار تقع الثّلاث؛ لأن الثّلاث معلقة بدخول الدّار (٣).


(١) ينظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٣٨).
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ١٣٢).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ١٣٢).