للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المبسوط»: والحاصل أنّ المريض مشرف على الهلاك، وكلّ سبب يعرض ممّا يكون الغالب فيه الهلاك فهو بمنزلة المرض، وما يكون الغالب السّلامة وقد يخاف الهلاك منه -أيضاً- لا يجعل بمنزلة المرض، ولهذه أخوات تخرج على هذا الحرف، منها راكب السّفينة بمنزلة الصّحيح، فإن تلاطمت الأمواج وخيف الغرق فهو كالمريض في هذه الحالة، والمرأة الحامل كالصّحيحة فإذا أخذها الطلق فهي كالمريضة، والمقعد والمفلوج (١) مادام يزداد ما به كالمريض وإن صار قديمًا لا يزداد كان بمنزلة الصّحيح في الطّلاق وغيره؛ لأنّه ما دام يزداد في علته فالغالب إن آخره الموت، وإذا صار بحال لا يزداد فلا يخاف منه فهو بمنزلة الصّحيح -كذا في «المبسوط» (٢) -.

وقال (اذَا مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ، أَوْ قُتِلَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ) إلى آخره، وإذا طلّقها في مرضهثم قتل أو مات من غير ذلك المرض، غير أنه لم يصح، فلها الميراث، وكان عيسى ابن أبان -رحمه الله- (٣) يقول: لا ميراث لها؛ لأن مرض الموت ما يكون سبباً للموت، ولما مات لسبب آخر علمنا أنّه لم يكن مرضه مرض الموت، وإن حقها لم يكن متعلقاً بماله يومئذ، فهو كما لو طلّقها في صحّته.

ولكنّا نقول قد اتّصل الموت بمرضه حين لم يصح حتّى مات.

وقد يكون للموت سببان، فلا يتبين بهذا أن مرضه لم يكن مرض الموت، وإن حقّها لم يكن ثابتًا في ماله، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إرْثَهَا مِنْهُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ، وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ ههنا -كذا في «المبسوط» (٤) -.

(إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ)، إلى قوله: فأنت طالق، أي: فأنت طالق باين؛ لأن حكم الفرار إنما يعطى له إذا كان الطّلاق باينًا - على ما ذكرنا -وكانت هذه الأشياء أي: ووجدت هذه الأشياء تامة إلا في قوله: (إذَا دَخَلْت الدَّارَ)، أي: إلا في فصل واحد، وهو ما إذا كان التعليق بفعلها الذي لها منه بدّ فإنّه لا يصير فاراً.

وَلَنَا أَنَّ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ يَصِيرُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا، يظهر ذلك بمسألتين، إحداهما: أنّه لو علق طلاق امرأته بالشّرط، ثمّ وجد الشّرط وهو مجنون، فإنّه يقع الطّلاق مع أن طلاق المجنون غير واقع، علم أنّ التّطليق هنا غير حقيقي.


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٦٨).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٦٨).
(٣) العناية شرح الهداية (٤/ ١٥١).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٦٨).