للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رحمه الله- في الدنيا راجع إلى أكل الطّعام.

وقال: أو في العقبى راجِعٌ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ، قِيلَ إنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْمَكْتُوبَاتِ فِيهِ سَوَاءً؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ -عليه السلام- (١)، فكان الفهم في النّظير إلى الأوّل أسبق، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (٢)، أي: لاترث المرأة؛ لأنّه حين علق الزّوج الطّلاق لم يكن لها في ماله حق، فلا يتهم بالقصد إلى الفرار، ولم يوجد بعد ذلك منه صنع، وأكثر ما في الباب أن ينعدم رضاها أو فعلها باعتبار أنّها لاتجد منه بدًا، فيكون هذا كالتّعليق بفعل حسي أو بمجيء رأس الشّهر، وقد بيّنا أنه هناك لا يرث إذا كان التّعليق في الصحّة.

فكذا ههنا لما أنّ الزّوج لما يباشر العلة في مرضه ولا الشّرط، فلا يكون فاراً، وهما يقولان: أنّها مكرهة من قبل الزّوج؛ لأن حد المكره أن يكون مضطراً بين شرين، والمرأة كذلك؛ لأنّها لو باشرت الشّرط تتضرّرفوقع الطّلاق، وإن امتنعت تعاقب في دار الآخرة، وهذا الاضطرار جاء من قبل الزوج، فكانت مكرهة فيضاف فعلها إليه، كمن أكره إنسانًا على إتلاف مال نفسه؛ هذا لأن الإكراه كما يقع بخوف تلف عاجل، فكذلك يقع بالتّفسيق.

ألا ترى أن فعل القاضي في باب القضاء بالشهادة، فيقول إلى الشّاهد حتى يكون الضّمان عليهم إذا رجعوا؛ لأنّ القاضي يصير ملجأ إليه بشهادتهم؛ لأنّه تفسيق لو لم يفضبها، إلى هذا أشار في «المبسوط» و «الأسرار» و «الجامع الصّغير» لقاضي خان، وذكر في «مبسوط فخر الإسلام» (٣) في هذه المسألة: الصّحيح ما قاله محمّد (٤)، قوله -رحمه الله-: ولو طلّقها فارتدت، أي: طلقها ثلاثاً أو باينًا، فإنّه إن لم يظهر أثر الثلاث والبينونة في الارتداد، فظهر فيما ذكره بمقابلته من مسألة المطاوعة، فإنّها إنما ترث في المطاوعة بعد الطّلاق الباين.

وأمّا إذا طاوعت ابن زوجها حال قيام النكاح أو بعد الطلاق الرجعي، فلا ترث بوقوع الفرقة بالمطاوعة وهي في العدّة لم ترث.


(١) عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، قَالَا: «أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الظُّهْرُ». ينظر: المعجم الأوسط برقم ٩٣٢٤ (٩/ ١٢٨).
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ١٥٤).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٤٥١)، والعناية شرح الهداية (٤/ ١٥٤).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٤٥١)، والعناية شرح الهداية (٤/ ١٥٤).