للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ قَدْ رَاجَعْتُك، فَقَالَتْ مُجِيبَةً) -أي: على الفور متّصلة بقول الزّوج -: (قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ)، وذكر في «شرح الطّحاوي»: ولو قال لها راجعتك فقالت المرأة -موصولاً بكلام الزّوج-: انقضت عدّتي، لا تصح الرجعة في قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وعندهما تصح الرجعة، وأجمعوا أنّها إذا سكتت ساعة، ثم قالت: انقضت عدّتي تصحّ الرّجعة ولو بدأت المرأة بالكلام.

(وَإِنْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي، وَقَالَ الزَّوْجُ) -مجيباً لها موصولاً بكلامها-: راجعتك لا تصحّ الرجعة؛ لأنّها صادفت العدة، أي: لأنّ الرجعة صادفت العدّة؛ إذ هي باقية] أي العدّة (١) بَاقِيَةٌ ظَاهِرًا إلَى أَنْ تُخْبِرَ وَقَدْ سَبَقَتْهُ الرَّجْعَةُ، أي: وقد سبقت الرجعة إخبار المرأة بانقضاء العدّة، فصحّت الرجعة، وسقطت العدّة، وهي حين أخبرت إنّما أخبرت بالانقضاء بعد سقوط العدّة، وليس لها ولاية الإخبار بعد سقوط العدّة، كما لو سكتت ساعة ثمّ أخبرت، ولأنّها صارت متّهمة في الإخبار بالانقضاء بعد رجعة الزّوج، فلا يقبل خبرها، كما لو قال الموكّل للوكيل: عزلتك، فقال الوكيل: كنت بعت، حيث لا يصدّق الوكيل، لكونه متّهمًا، ولكونه غير قادر على الإنشاء، فهذا كذلك، وأبو حنيفة -رحمه الله- (٢) يَقُولُ: الرَّجْعَةُ صَادَفَتْ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِعِدَّةٍ مُطْلَقًا، وَشَرْطُ الرَّجْعَةِ أَنْ تَكُونَ فِي عِدَّةِ مُطَلَّقَةٍ، وَبَيَانُهُ أَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ، وَلَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُخْبِرَ إلَّا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ، فَإِذَا أَخْبَرَتْ مُجِيبَةً لِلزَّوْجِ عَرَفْنَا ضَرُورَةَ أَنَّ الِانْقِضَاءَ سَابِقٌ، وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حِلُّ قَوْلِ الزَّوْجِ رَاجَعْتُك، بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَتْ سَاعَةً، فَإِنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ لِلِانْقِضَاءِ هُنَاكَ حَالُ سُكُوتِهَا، وَلَا يُقَالُ مُصَادِفَةُ الرَّجْعَةِ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، والرّجعة لا تصحّ مع انقضاء العدّة أيضاً؛ لأنّ الرجعة شرعت بالنصّ في حال بقاء العدّة الموجودة من كلّ وجه في العدة حال الانقضاء لا تكون موجودة من كل وجه، فلا تثبت الرجعة، بدليل أنّه لو قال: لها أنت طالق مع انقضاء عدتك، لا يقع الطّلاق عند انقضاء العدّة؛ لأنّ المزيل لا يعمل إذا قارن الزّوال، فكذا لا يعمل المثبت حال الزّوال إذ هما في الاستحالة على السّواء؛ لأنّ في أحدهما إزالة الزّايل، وفي الآخر إثبات الزّائل (٣).


(١) سقط من (ب).
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٤).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٤).