للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

-كذا في «المبسوط» (١) - وهو يقول: حكم الرّجعة يبنى على العدة، وفي قيام العدة لا قول للمولى أصلاً، فإنّ القول في العدّة قولها في البقاء والانقضاء دون المولي، فكذلك فيما يبتنى عليها وهو الرجعة، يوضحه أنّ صحّة الرّجعة حال قيام العدّة ولا ملك للمولى في بضعها عند ذلك ولا تصرف، فكان القول فيه قولها، بخلاف التزويج والإقرار به عليها؛ لأنّ بضعها في تلك الحال ملك للمولى ولو كان على القلب، بأنّ كذّبه المولي وصدّقته الأمة، لم تثبت الرجعة أمّا عندهما فظاهر، وأمّا عند أبي حنيفة -رحمه الله- فَلِأَنَّ بُضْعَهَا فِي الْحَالِ خَالِصٌ حَقُّ المولي، فَإِنَّ عِدَّتَهَا مُنْقَضِيَةٌ؛ فَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ-كذا في «المبسوط» (٢) -إذْ هِيَ الْعَالِمَةُ بِهِ، أي بالانقضاء أو بلزوم حكم من الأحكام الظاهرات بمضي وقت الصّلاة، حيث تكون الصّلاة دينًا في ذمتها، وهو من أحكام الظّاهرات، بخلاف ما إذا كانت كتابته، فإنّ الرّجعة تنقطع في حقّها بنفس انقطاع الدّم، وتنقطع إذا تيقنت فصلّت مكتوبة أو تطوّعًا -كذا في «المبسوط» -حتى يثبت به [برفع يثبت]؛ لأنّ حتّى هنا ليست للغاية، إذ الأحكام ثابتة من حلّ الدّخول في الصّلاة والمسجد وحل قراءة القرآن ومس المصحف، فكان بمنزلته [أي فكان التيمم بمنزلة] الاغتسال والحكم بسقوط الرّجعة يؤخذ فيه بالاحتياط.

ألا ترى أنّها لو اغتسلت وبقيت [وبقيت] على بدنها لمعة تنقطع الرجعة عنها احتياطاً، وإن لم يحل لها أداء الصّلاة فههنا أولى، وكذلك لو اغتسلت بسور الحمار ولم تجد غيره تنقطع الرجعة،] احتياطاً ولم يحل له اداء الصلاة في هذين الموضعين، فهاهنا أولى ان تنقطع الرجعة (٣) وقد حلّ لها أداء الصّلاة، قال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- قَالَا: التَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ، فَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ الرَّجْعَةُ، كَنَفْسِ الِانْقِطَاعِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ إلَّا بِيَقِينٍ، حَتَّى أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ كَانَ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ تَلْوِيثٌ وَتَغْيِيرٌ وَهَذَا ضِدُّ التَّطْهِيرِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ طَهَارَةً حُكْمًا لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ إلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ (٤).


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٤).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٥).
(٣) زيادة في (ب).
(٤) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٢٩).