للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «فتاوى الوبري» (١): الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع لوأولجها [بمساعدة] اليد لا يحلّها -كذا في «الجامع الصّغير» للإمام التمرتاشي (٢) -.

وقال الإمام قاضي خان: وثبوت الحلّ لزوجها الأوّل بوطء الصّبي مذهبنا، فإنّ بوطء الزّوج الثّاني يثبت الحلّ سواء، كان صبيًّا أو مجنونًا حرًا أو مملوكًا.

وقال الحسن البصري (٣) -رحمه الله-: لا يحلّها جماع الصبي؛ لأن عنده التّحليل يتم بدون الإنزال وعند مالك (٤) والشّافعي (٥) لا يتمّ التحليل إلا بجماع من كان من أهل الماء.

وجه قول الحسن: قوله -عليه السلام-: «لا حتى تذوقي عسيلته وهو يذوق من عسيلتك» (٦) يعني الماء.

وإنا نقول: العسيلة (٧) كناية عن لذة الجماع، واللّذة تحصل بجماع المراهق، وعن عائشة رضي الله عنها: أنها فسّرت العسيلة بالجماع؛ ولأنّ الحلّ تعلق بإصابة الزّوج الثاني ليكون زجراً له عن إرسال الثّلاث وإصابة الزّوج تغيظه، فكان زاجراً، وإن وطئها الزّوج الثّاني في حيض أو نفاس أو إحرام يحلّ للزّوج الأوّل عندنا، وقال مالك لا تحلّ له؛ لأنّه حرام، فلا يثبت له الحلّ كما لو تزوجها نكاحاً فاسدًا ودخل بها.


(١) فتاوى الوبري الحنفي، المتوفى: سنة ٦٠٨ هـ، لم يطبع. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٢٣٠).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٤/ ٦١)، والدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٤١٣).
(٣) الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد: تابعي، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه. رأى عُثْمَان بن عَفَّان، روى عَنهُ: قَتَادَة، وَأَيوب، وَيُونُس بن عبيد. مات سنة عشر ومائة. ينظر: الأعلام للزركلي (٢/ ٢٢٦)، وطبقات الفقهاء (ص: ٨٧).
(٤) ينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ١٠٥).
(٥) انظر: الأم للشافعي (٥/ ٢٦٥).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الطلاق/ بَابُ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ العِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا/ ٥٣١٧)، ومسلم في صحيحه (كتاب النكاح/ بَابُ لَا تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِمُطَلِّقِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ/ ١٤٣٣).
(٧) الْعُسَيْلَةُ فِي اللُّغَةِ: النُّطْفَةُ، أَوْ مَاءُ الرَّجُل، أَوْ حَلَاوَةُ الْجِمَاعِ، تَشْبِيهٌ بِالْعَسَل لِلَذَّتِهِ. وَالْعُسَيْلَةُ اصْطِلَاحًا: كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ. وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُجَامَعَةِ، وَهُوَ تَغَيُّبُ حَشَفَةِ الرَّجُل فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ. يُنْظَر: طلبة الطلبة (ص ١١٥)، والمغرب (ص ٣١٥)، والعناية على الهداية بهامش فتح القدير (٣/ ١٧٦)، فتح الباري (٩/ ٤٦٦).