للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا صِفَتُه فَيَمين مِن جانب الزّوج ومُعَاوضة مِن جَانِب المرْأة عِندَ أبي حنيفة (١) -رحمه الله (٢) -، وأمّا عِندهُما (٣) فَيَمِين مِن الجَانِبَيْن على ما يَأتي بيان ثمرة الخلاف.

(وَإِذَا تَشَاقَّ الزَّوْجَانِ) أي اختلفا وتَخَاصَما، مُشْتَق مِن الشِق وهو الجانب (٤)، وإنما سمّي به لأنّ كل واحد من المُتَشَاقَيْن يأخُذ شِقًّا خِلَافَ شِقِّ صَاحبه، وهذا/ ٣٦٠ أ/ كالتَخاصُم والتَعَادِي، فإن كل واحد من المُتَخَاصِمَيْن والمُتَعَادِيِيْن يَأْخُذ خَصْمَاً، وهو الجانب وعَدُوّه وهي جانب الوادي خلاف جانب صاحبه.

(وَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) أي ما يَلْزَمَهُمَا مِنْ مَوَاجِب الزَّوْجِيّة.

{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٥)، أي فلا جُنَاحَ على الرَّجُل فِيما أخَذَ، و] لا (٦) على المرأة فيما أَعْطَت.

سمّى الله تعالى ما أعطته فِدَاءً مِنْ فَداهُ مِنْ الأَسْرِ [اسْتَنْقَذَه] (٧)، لَِما أنّ النِسَاءَ عَوَانٌ (٨) عند الأزواج بالحديث (٩)، فكانَ المال الذي يُعْطَى في تَخْلِيصِهِنَّ فِدَاءً.


(١) أبو حنيفة: النعمان بن ثابت بن زوطي، الكوفي، الفارسي، إمام الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، ولد ونشأ بالكوفة سنة ٨٠ هـ، وسمع من عطاء بن أبي رباح، وهشام بن عروة وغيرهم، وأخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، له مناقب كثيرة، ألف في مناقبه ابن حجر الهيثمي كتاب (الخيرات الحسان) وأبي زهرة كتاب (أبو حنيفة)، قال الإمام مالك فيه: (لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته)، وقال الشافعي: (الناس كلهم عيال في الفقه على أبي حنيفة)، له مسند جمعه تلاميذه، و (المخارج) في الفقه رواه عنه أشهر تلاميذه أبو يوسف، توفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ.
انظر: وفيات الأعيان (٥/ ٤٠٥)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٩٠)، تاريخ بغداد (١٥/ ٤٤٦)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (٢/ ٢٢٩).
(٢) انظر: النتف في الفتاوى للسغدي (١/ ٣٦٦).
(٣) أي: عند أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشباني.
(٤) ينظر: مختار الصحاح (ص: ١٦٧)
(٥) البقرة: ٢٢٩.
(٦) سقطت من (أ)
(٧) هكذا في (أ) وفي (ب)، والصواب والله أعلم "إذا استنقذه"، انظر: (العناية شرح الهداية ٤/ ٢١١)، (البناية شرح الهداية ٥/ ٥٠٦).
(٨) أَيْ أُسَرَاء، أَوْ كالأُسَراء، (النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ٣١٤)
(٩) حديث: «ألَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ»، أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها (٣/ ٤٥٩) برقم (١١٦٣).