للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَإِذَا فَعَلَا ذَلِكَ وَقَعَ بِالْخُلْعِ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ)، وهذا عِندَنَا (١)، وفي أَحَدِ قَوْلَي الشّافعيّ -رحمه الله-: هُوَ فَسْخ (٢)، وهو مَرْوِيٌ عن ابن عباس (٣) رضي الله عنهما (٤)، وقدْ رُوِيَ رُجُوعه إلى قَولِ عَامة الصَّحَابة (٥)، واسْتَدلَّ الشَّافعيّ -رحمه الله- بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٦)، إلى قَوْلهِ: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٧)، إلى قوله: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ} (٨)، فلو جَعَلْنا الخُلْعَ طَلاقاً صَارت التَطْلِيقات أرْبعًا في سِيَاقِ هَذِه الآية، ولا يَكُون الطّلَاق أكثرَ مِن ثلاث، ولأن النِّكاح عَقْدٌ مُحْتَمِلٌ للفَسْخ، حَتّى يُفْسَخ بِخِيَارِ عَدَم الكَفَاءَة، وخِيَار العِتْق (٩) وخِيَار البُلُوغ عِنْدَكم، فَيَحْتَمِل الفَسْخ بِالتّراضي -أيْضَاً- وذلك بالخُلْع كالبيع (١٠).


(١) انظر: النكت للسرخسي وشرح النكت للعتابي (ص: ٤٣)، و الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٥٩)، اللباب في شرح الكتاب (٣/ ٦٤)
(٢) وهو قول الشافعي في القديم، انظر: (النجم الوهاج في شرح المنهاج ٧/ ٤٤٧)، (المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي ٢/ ٤٩١)، (روضة الطالبين وعمدة المفتين ٧/ ٣٧٥).
(٣) عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي. ابْنُ عم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حبر الأمة، وترجمان القرآن، دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفهم في القرآن، لازم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وروى عنه الأحاديث الصحيحة، له في الصحيحين وغير هما ١٦٦٠ حديثا، وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها سنة ٦٨ هـ.
انظر: أسد الغابة (٣/ ١٨٦)، صفة الصفوة (١/ ٢٩٤).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الطلاق، باب من كان لايرى الخلع طلاقاً (١٨٤٥١)، والبيهقي في السنن الصغرى، كتاب الخلع والطلاق، باب من قال الخلع فسخ أو طلاق (٢٦٣٦).
(٥) يُنظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٧١)، و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٦٨).
(٦) البقرة: ٢٢٩.
(٧) البقرة: ٢٢٩.
(٨) البقرة: ٢٣٠.
(٩) العِتْقُ لغةً: الكَرَمْ، يقال: ما أبْيَنَ العِتْقَ في وجه فلانٍ: يعني الكرم، والعِتْقُ: الحرّيّةُ، وكذلك العَتاقُ بالفتح والعَتاقَةُ. (الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ٤/ ١٥٢٠).
واصطلاحاً: هو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق. (المغني لابن قدامة ١٠/ ٢٩١)
(١٠) البيع لغةً: من باعَه، يَبِيعهُ بَيعْاً ومَبيعاً، والقِياسُ مَباعاً: إذا باعَه، وإذا اشْتَراه، ضِدٌّ، وهو مَبيعٌ ومَبْيوعٌ، والبِياعَةُ بالكسر: السِّلْعَةُ. (القاموس المحيط ص: ٧٠٥).
واصطلاحاً: مُبادلةُ المال بالمال لغرض التملك. (المطلع على ألفاظ المقنع ص: ٢٧٠)