للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولنا ما رُوُيَ عَنْ عُمر (١) -رضي الله عنه- وعَليّ وابن مَسْعود (٢) -رضي الله عنهم- مَوْقُوفاً عَلَيْهم ومَرْفوعًا إلى رسول الله -عليه السلام-: «الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ» (٣)، والمعنى فيه أن النِّكاح لا يَحْتَمل الفَسْخَ بعد تمامه.

ألا تَرى أنّه لا يَنْفَسِخ بالهلاكِ قَبْل التَّسْلِيم، وأنّ المُلك الثَّابِت به ضَروريّ لا يَظْهَر إلاَّ في حَقِّ الاستيفاء، وقد بَيّنا أنّ الفَسْخَ بسبب عدم الكفاءة فسخ قبل التّمام، فكان في معنى الامتناع عن الإتمام، كذلك في خيار العتق والبلوغ.

فأما الخُلع فيكونُ بعدَ تمَام العقد، والنّكاح لا يَحْتمل الفَسْخ بعد تمامه، ولكن يحتمل القطع في الحال، فيجعل لفظ الخلع عبارة عن رفع القيد في الحال.

وأمّا الآية فقد ذكر الله تعالى التطليقة الثالثة بعوض وبغير عوض، فبهذا لا يصير الطلاق أربعًا، وفائدة الاختلاف أنّه لو خالعها بعد التطليقتين عندنا لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره، وعنده له أن يتزوجها (٤).


(١) عمر بن الخطّاب بن نفيل القرشي العدوي، ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين، صاحب الفتوحات، يضرب بعدله المثل، سلم قبل الهجرة بخمس سنين، وشهد الوقائع. قال ابن مسعود: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، بويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر (سنة ١٣ هـ) بعهد منه،
له في كتب الحديث ٥٣٧ حديثا، قتله أبو لؤلؤة فيروز الفارسيّ (غلام المغيرة بن شعبة) غيلة، بخنجر في خاصرته وهو في صلاة الصبح سنة ٢٣ هـ.
ينظر: أسد الغابة (٣/ ٦٤٢)، الإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ٤٨٤).
(٢) الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، من أكابر الصحابة، فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة، نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة، له ٨٤٨ حديثا، توفي بالمدينة سنة ٣٢ هـ. ينظر: أسد الغابة (٣/ ٢٨٠)، الإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ١٩٨).
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء، برقم (٤٠٢٥)، وأخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب من قال الخلع طلاق بائن برقم (٢٦٤٠) وقال: (وإسناده ضعيف بمرة) (٢/ ١٠٧)، وأعلّه ابن عدي في الكامل بعباد بن كثير الثقفي وأسند عن البخاري قال: تركوه، وعن النسائي، قال: متروك الحديث، وعن شعبة قال: احذروا حديثه، وسكت عنه الدارقطني ". ينظر: الكامل في ضعفاء الرجال (٥/ ٥٣٨)، نصب الراية (٣/ ٢٤٣)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٧٥).
(٤) أي عند الشافعي، ينظر: (النجم الوهاج في شرح المنهاج ٧/ ٤٤٧)، (الحاوي الكبير ١٠/ ٩).