للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"وَالْوَاقِعُ بِالْكِنَايَةِ (١) بَائِنٌ"، أي سوى الألفاظ الثلاثة، وهي اعتدّي (٢)، واستبري (٣)، وأنت واحدة.

"إلَّا أَنْ ذِكْرَ الْمَالِ أَغْنَى عَنْ النِّيَّةِ"، هذا استثناء من قوله: "حَتَّى صَارَ مِنْ الْكِنَايَاتِ"، على تقدير جواب سؤال يرد على المستثنى منه، بأن يقال: لو كان لفظ الخلع من الكنايات لاحتيج إلى النية كما في سائر الكنايات.

وأجاب عنه بهذا [أوقال] (٤): نعم كذلك، إلا أنّ جانب الطلاق يتعين عند قِرَان ما يعيّنه من ألفاظ الكنايات، كالنية، ومذاكرة الطلاق، وفي الخُلع صار قبول المال الذي أعطته بمقابلة فداء نفسها، معينًا لجانب الطلاق، فلم يُحْتَجْ لذلك إلى النية، كما في قوله أنتِ بائن، عند مذاكرة الطلاق لا يحتاج إلى النية.

وذكر في «الذخيرة» (٥): فإذا خالع الرجل امرأته ثم قال لم أنو به الطلاق، فإن لم يذكر بدلاً صُدّق ديانة وقضاء، وإن ذكر بدلاً بأن قال لها مثلاً خالعتُك على ألف درهم ثم قال [لم] (٦) أعني به الطلاق لا يُصدَّق (٧).


(١) الْكِنَايَةُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الْمُكَنَّى عَنْهُ كَالرَّفَثِ وَالْغَائِطِ، وَهِيَ اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنْ كَنَّيْتُ بِكَذَا عَنْ كَذَا مِنْ بَابِ رَمَى. (المصباح المنير، مادة "كنى" ٢/ ٥٤٢).
والكناية في الاصطلاح: فَهِي كَلَامٌ اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالاِسْتِعْمَال وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ ظَاهِرًا فِي اللُّغَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَقِيقَةَ أَمِ الْمَجَازَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَنَّ الْكِنَايَةَ مَا خَفِيَ الْمُرَادُ بِهِ لِتَوَارُدِ الاِحْتِمَالَاتِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ. (التعريفات للجرجاني ص: ١٨٧).
(٢) العدة اصطلاحاً: التربص الذي يلزم المرأة عند زوال النكاح أو شبهته. (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ٣/ ٢٦)
(٣) الاِسْتِبْرَاءُ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ. (لسان العرب مادة "برأ"١/ ٣٣)، وَشَرْعًا يُسْتَعْمَل فِي مَعْنَيَيْنِ:
الأْوَّل: فِي الطَّهَارَةِ بِمَعْنَى نَظَافَةِ الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الأْذَى. وَالثَّانِي: فِي النَّسَبِ بِمَعْنَى: طَلَبِ بَرَاءَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَبَل وَمِنْ مَاءِ الْغَيْرِ، كَمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ. ينظر: (المغني لابن قدامة ١/ ٧٥ - ٧/ ٥٥٢)
(٤) في (أ) (وقال).
(٥) ذخيرة الفتاوى، المشهورة بالذخيرة البرهانية؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري المتوفى سنة ستمائة وست عشرة من الهجرة، والذخيرة البرهانية مختصرة من كتابه المحيط البرهاني؛ لابن مازة، وهذه الفتاوى لها نسخ متعددة منها نسخة مصورة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، تحت الرقم (٣٨٦٧ ف)، عن مكتبة تشتربيتي بدبلن بإيرلندا.
(٦) سقطت من (أ).
(٧) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٨٨).