للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ (١) مِنْ قِبَلِهِ)، يُقال نَشَزَت المرأة على زوجها، فهي نَاشِزَة، إذا اسْتَعْصَت عليه وأبغضته، وعن الزّجّاج (٢): النشوز يكون من الزوجين، وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه (٣).

{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} (٤)، أي استبدال زوجة مكان زوجة، إلى أن قال: {قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٥).

فإن قلت: النهي ورد في الأفعال الحسية، وهي الأخذ؛ وذلك لأن عرفانه غير متوقف إلى ورود الشرع، وهو الفارق بين الحسّية والشّرعية، ثم هو مؤكّد بتأكيدات وهي قوله {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٦) الآية، ومجرّد النهي في الأفعال الحسّية من غيرِ تأكيد يقتضي عدم مشروعية المنهي عنه، فكيف بالمُؤكّدات.

ثم ذكر جواز الأخذ في هذه الصورة مع الكراهة (٧)، وهذا الأصل الذي ذكرته يقتضي عدم مشروعية الأخذ من كل وجه، فما وجه التقصّي عن هذا السؤال؟.


(١) النُّشُوزُ لغةً: نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ اسْتَعْصَتْ عَلَى بَعْلِهَا وَأَبْغَضَتْهُ، وَنَشَزَ بَعْلُهَا عَلَيْهَا ضَرَبَهَا وَجَفَاهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا}. ينظر: (مختار الصحاح ص: ٣١١).
وشرعاً: نشوز المرأة هو معصيتها زوجها فيما يجب له عليها من حقوق النكاح. وقيل: كَرَاهَةُ كلِّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه، وسوءُ عِشْرته لَهُ. يُنظر: (الكافي في فقه الإمام أحمد ٣/ ٩٢)، (النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/ ٥٦).
(٢) الزجاج هو: إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج: عالم بالنحو واللغة، ولد ومات في بغداد، كان في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحو فعلمه المبرد، واختص بصحبة الوزير عبيد الله ابن سليمان بن وهب، وعلم ولده القاسم الأدب، من كتبه (معاني القرآن) و (الاشتقاق) و (خلق الإنسان) و (الأمالي) في الأدب واللغة، و (فعلت وأفعلت) في تصريف الألفاظ و (المثلث) في اللغة، ولد سنة ٢٤١ هـ، وتوفي سنة ٣١١ هـ.
انظر: البداية والنهاية (١١/ ١٤٨)، وفيات الأعيان (١/ ٥٠)، الأعلام للزركلي (١/ ٤٠).
(٣) ينظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٦٤).
(٤) النساء: ٢٠.
(٥) النساء: ٢٠ - ٢١.
(٦) النساء: ٢٠ - ٢١.
(٧) المكروه: ضد المندوب. وهو ما مدح تاركه، ولم يذم فاعله، وقيل: ما ترجح تركه على فعله، من غير وعيد فيه، وقيل: ما تركه خير من فعله، ومعانيها واحدة. (شرح مختصر الروضة للطوفي ١/ ٣٨٢)