للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: لو كانت النجاسة تستدعي الطهارة من الوجه الذي ذكرت لانتقضت طهارته عند إصابة الخمر مثلاً بدنه، وإن لم يخرج منه شيء من حيث أن وجوب التطهير لا يحتمل الوصف بالتجزيء.

قلت: هذه معارضة في موضع الإجماع؛ فإن الإجماع منعقد في عدم انتقاض الطهارة هناك، ولأن صفة الانتقاض إنما تتحقق عند تحقق صفة كونه محدثًا، وصفة كونه محدثًا، إنما تلزمه أن لو كانت النجاسة خارجة منه في الأصل وهو الخارج من السبيلين فانتفى اللزوم لانتفاء اللازم.

والوجه لنا أيضًا لإثبات المذهب هو أن الحدث اسم للخارج النجس، و/ ٤/ ب/ ذلك لأن الحدث اسم لمجرد الحادث إلا أنه [تغيّر] (١) في الشرع إلى كونه حادثًا خارجًا بوصف كونه نجسًا، أما الخروج فلقوله -عليه السلام-: «الوضُوْءُ ممَّا يَخْرُجْ» (٢)، وأما كونه نجسًا فلأن الإجماع منعقد على أن الخارج إذا كان طاهر كالبزاق والمخاط لا ينتقض به الطهارة، ولأن حكم الانتقاض في السبيلين لا يخلو [إما] (٣) إن كان متعلقًا بالمخرج المعتاد أو بالخارج المعتاد أو بهما جميعًا أو بمطلق الخارج النجس من بدن الإنسان لا سبيل إلى الأول؛ لأنه حينئذٍ يلزم أن يكون الآدمي [منتقض] (٤) الطهارة أبدًا؛ لأن المخرج لا يفارقه ولا سبيل إلى الثاني لانتقاض الطهارة بالخارج الذي هو غير معتاد كالدودة الساقطة من الدبر ودم الاستحاضة، ولا يجوز أن يكون متعلقًا بهما لما أن الرواية منصوصة بأن الإنسان إذا طعن في السرة فخرج البول أو العذرة انتقضت بهما الطهارة عند الشافعي (٥)، وتعلق المخرج معدوم، فإذا انتفت الأوجه الثلاثة تعين الوجه الرابع وهو الخارج النجس من بدن الإنسان، وفي هذا لا يتفاوت حكم الخارج النجس من السبيلين، وحكم الخارج النجس من غير السبيلين.


(١) في (ب): «يعبر».
(٢) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الوضُوْءُ ممَّا يَخْرُجْ وَلَيْسَ ممَّا يَدْخُلْ» انظر: سنن الدارقطني (١/ ٢٧٦) باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف. قال عنه الألباني: (ضعيف)، انظر: ضعيف الجامع الصغير (٢/ ٣١٧) الحديث رقم (٦١٦٢).
(٣) زائدة في (أ) والتصويب من (ب).
(٤) في (ب): «في منتقض».
(٥) انظر: مغني المحتاج (١/ ١٤١، ١٤٢) باب أسباب الحدث، ومغني المحتاج، لشمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني، الشافعي، المتوفى: ٩٧٧ هـ، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ-١٩٩٤ م. وانظر أيضاً: نهاية المحتاج (١/ ١١١، ١١٢) باب السبب الأول خروج شيء من قبله أو دبره ونهاية المحتاج، لشمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة، شهاب الدين الرملي (المتوفى: ١٠٠٤ هـ) الناشر: دار الفكر، بيروت، طبع سنة: ١٤٠٤ هـ-١٩٨٤ م.