للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذه طريقة يأباها الإمام السرخسي: في الاحتجاج، ذكره في فصل الاحتجاج بما ليس بحجة من أصول الفقه (١).

قلت: وإن أباها هو فقد تلقاها الإمام الجصاص (٢) من السلف، والإمام ظهير الدين المرغيناني (٣) من الخلف رحمهما الله بالقبول وكفى بهما قدوة، وذكر في «الأسرار».

«فإن قيل: هذه طهارة حكمية [تعبدنا] (٤) بها بدلالة أنها تجب لا في موضع النجاسة.

قلنا: إن معنى العبارة فيها تبع فإن الله تعالى قال: {لِيُطَهِّرَكُمْ} [الأنفال: ١١] ولم يقل: ليتعبدكم، وسميت طهارة ووضوءًا فوجبت شرعًا تعظيمًا لشأن القيام إلى الله تعالى فكان ينبغي أن يغتسل كما في المني؛ لأن الشرط أن يقوم بنفسه طاهرًا إلى الله تعالى وقد لزمه حكم النجاسة بخروج النجس إلا أن الله تعالى قصر الوجوب على الظواهر من الأعضاء تيسيرًا علينا؛ لأنه مما يكثر فبقي فيما لا يكثر على أصل القياس» (٥).


(١) انظر: أصول السرخسي (٢/ ٢١٥) لشمس الأئمة السرخسي المتوفى سنة: (٤٨٣ هـ) الناشر: دار المعرفة بيروت.
(٢) انظر: الفصول في الأصول للجصاص (١/ ٧٤، ٧٥)، المتوفى سنة: (٣٧٠ هـ)، الناشر: وزارة الأوقاف الكويتية، الطبقة الثانية: ١٤١٤ - ١٩٩٤ م. وهو الإمام أبي بكر: أحمد بن علي، المعروف بالجصاص، الرازي، الحنفي، ولد سنة: (٣٠٥ هـ)، سكن بغداد وكان مشهوراً بالزهد، عرض عليه القضاء فامتنع تفقهه على: أبي سهل الزجاج صاحب كتاب الرياضة، وعلى: أبي الحسن الكرخي واستقر التدريس ببغداد للجصاص ووفد الناس إليه من الأقطار الأخرى. من مؤلفاته: ١ - شرح الجامع الكبير، ٢ - شرح الجامع الصغير، ٣ - أحكام القرآن، ٤ - شرح مختصر الكرخي، ٥ - شرح مختصر الطحاوي، ٦ - الفصول في الأصول، ٧ - اختلاف العلماء، ٨ - أدب القاضي على مذهب أبي حنيفة، توفي في بغداد سنة: (٣٧٠ هـ). انظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية (١/ ٨٤) و (٢/ ٤٤٩)، وتابع التراجم في طبقات الحنفية (١/ ٩٦)، وكشف الظنون (١/ ١، ٨١، ٥٦٣) و (٢/ ١٦٢٧).
(٣) هو الإمام ظهير الدين أبو الحسن بن عبد الرزاق المرغيناني الحنفي، وهو استاذ العلامة فخر الدين قاضي خان، له: فوائد ظهير الدين. (ت ٥٠٦ هـ): انظر: طبقات الحنفية (١/ ٣٦٤) وكشف الظنون (٢/ ١٢٩٨) وهدية العارفين (١/ ٢٨٠) لإسماعيل بم محمد أمين الياباني البغدادي (ت ١٣٩٩ هـ)، الناشر: طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استاتبول ١٩٥١ م، وأعادت طبعة بالأوفست: دار إحياء التراث العربي -بيروت- لبنان.
(٤) في (ب): «تعبدناها».
(٥) الأسرار ص (١٢/ ١٣) بتحقيق الدكتور الصالح -لم يطبع-.