للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأنّها لم تغره بتسمية المال؛ لأن كلمة ما عامة، بتناول المال وغير المال، فلم تكن غارة بتسمية المال.

وذكر في «المبسوط» وإن اختلعت بما في بيتها من شيء فهو جائز، وكل ما في البيت في تلك السّاعة فهو له، لأنّ بالإشارة إلى المحل تنقطع المنازعة (١) بينهما بسبب الجهالة، وإن لم يكن فيه شيء فلا شيء له عليها، لأنّها لم تغر الزوج بتسمية الشيء، فإنه ينطبق على ما لا قيمة له، فلذلك لا يلزمها شيء (٢).

بخلاف ما إذا اختلعت على ما في بيتها من متاع، فله ما فيه، وإن لم يكن فيه شيء رجع عليها بالمهر الذي أخذت منه؛ لأنّها غرته بتسمية المتاع، فإنه اسم لما يكون متقوّمًا منتفعًا به، فإذا لم يجد في البيت شيئاً كان مغروراً من جهتها، وللمغرور دفع الضرر عن نفسه بالرجوع على الغارّ، ولا يمكن إثبات الرجوع بقيمة المتاع، لكونه مجهول الجنس والقدر، ولا بقيمة البِضْع، لأنّه عند الخروج من مِلك الزّوج غير متقوّم، فإنّه لا يُمَلّكُها شيئاً، وإنما يسقط حقه عنها، فكان أولى الأشياء ما ساق إليها من الصّدَاق، فإن الضّرر يندفع عنه بالرجوع بذلك، وهذا هو المراد بقوله: فَتَعَيَّنَ إيجَابُ مَا قَامَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، أي الذي قام به القائم، أي العقد به، أي بذلك المال وهو الصداق على الزوج.

قوله -رحمه الله-: وَلَا وَجْهَ إلَى إيجَابِ [الْمُسَمَّى، أي] (٣) إيجاب ما سمته المرأة، وهو المال، ولو قالت: خالعني على ما في يدي من دراهم، أو من الدّراهم، فإن كانت في يدها ثلاثة دراهم أو أكثر فله ذلك، وإن لم يكن في يدها شيء، فله ثلاثة دراهم، لأنّها سمت جمع الدراهم، وأدنى الجمع المتفق عليه ثلاثة دراهم، وليس لأقصى الجمع نهاية، فأوجبنا الأدنى، وإن كان في يدها درهمان تؤمر بإتمام ثلاثة دراهم له، لأنّها فيما التزمت ذكرت لفظ الجمع، وفي المثنى معنى الجمع، وليس بجمع مطلق، فإنّ التثنية غير الجمع.

بخلاف الصداق في هذه الصورة، حيث يكون لها مهر المثل، لأنّ الزوج يملك عليها ما هو متقوم، فلها أن لا ترضى بالأدنى، وهنا الزّوج لا يملكها شيئاً متقوّمًا، فيتعيّن الأدنى، وكذا لو قالت على ما في يدي من الدنانير (٤) والفلوس (٥)، وكذا جميع الأشياء، كالحيوان، والثياب، وغيرها، لأنّها تثبت دينًا (٦) في الذمة [بالخلع]. (٧)


(١) والتنازع: المنازعة في الخصومات ونحوها، وهي المجاذبة أيضًا، كما ينازِعُ الفرسُ فارسهَ العنانَ. (العين ١/ ٣٥٩).
(٢) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٨٦).
(٣) زيادة في (ت).
(٤) الدِّينارُ فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وأَصْلُه دِنّارٌ، بدَلِيلِ قَوْلِهمْ دَنانِيرُ ودُنَيْنيرٌ. ورَجُلٌ مُدَنَّرٌ: كَثِيرُ الدِّنانِيرِ. (المحكم والمحيط الأعظم ٩/ ٢٩٩).
(٥) الفلوس جمع فلس، وتطلق الفلوس ويراد بها ما ضرب من المعادن من غير الذهب والفضة، وصارت عرفًا في التعامل وثمنًا باصطلاح الناس. ينظر: (المصباح المنير ٢/ ٤٨١)، (لسان العرب ٦/ ١٦٥)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (٣/ ٣٤٥).
(٦) دين: جمع الدَّيْن دُيُون، وكلُّ شيءٍ لم يكن حاضراً فهو دَيْنٌ. ينظر: (العين ٨/ ٧٢).
(٧) سقطت من (ب).