للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُمَا لَا يُوجَدَانِ دُونَهُ، أي: لأنّ البيع والإجارة لا يوجدان بدون المال، فكان دليل المجاز هناك قائمًا من حيث أنّهما يستدعيان العِوض لا محالة بخلاف ما نحن فيه.

ألا ترى أن في الإجارة لو قال للخيّاط خُط هذا الثوب ولم يذكر العوض يكون استئجار بأجر المثل، وهنا إذا لم يذكر العوض لا يجب، كذا ذكره شمس الأئمة، وقاضي خان (١) (٢).

(وإِنْ رَدَّتْ الْخِيَارَ فِي الثَّلَاثِ بَطَلَ)، أي ردّت خيار الطّلاق بطل الطلاق ولا يقع.

وذكر في «الجامع الصّغير» لقاضي خان -رحمه الله- فإن ردّت الطلاق في الأيّام الثلاثة بطل الطّلاق (٣)، وإذا جازت الطّلاق أو لم ترد حتى مضت مدة الخيار فالطّلاق واقع ويلزمها الألف، والتصرفان وهما إيجاب الزّوج وقبول المرأة، أمّا إيجاب الزوج فإنّه يمين؛ لأنّه ذكر شرط وجزاء معنى، واليمين لا يقبل الفسخ، وأمّا قبول المرأة فإنّه شرط تمام اليمين، وإن يمين الزّوج يتم بقبول المرأة، فأخذ قبولها حكم اليمين في عدم احتمال الانفساخ، والخيار للفسخ بعد الانعقاد، وهذا أن التصرفان لا يحتملان الانفساخ فلذلك لغا ذكر شرط الخيار (٤) من الجانبين، ولأبي حنيفة -رحمه الله- أنّ الخلع في جانبها بمنزلة البيع حتّى يصح رجوعها ولا يتوقّف على ما وراء المجلس، وهذان الحكمان بالاتفاق؛ لأنّه ذكر في سائر المواضع من شرح فخر الإسلام (٥) وشمس الإسلام (٦) وغيرهما بلفظ: "ألا ترى أنّها لو رجعت صحّ ولو قامت بطل كما في البيع" (٧).


(١) هو حسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز، فخر الدين، المعروف بقاضي خان الأوزجندي الفرغاني فقيه حنفي، من كبار الحنفية، تفقه على أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي نصر الصفّاري، وظهير الدين أبي الحسن علي بن عبد العزيز المرغيناني، وغيرهما، من تصانيفه (الفتاوى) و (الأمالي)، و (شرح الزيادات) و (شرح الجامع الصغير)، توفي سنة ٥٩٢ هـ.
انظر: تاج التراجم (ص: ١٥١)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٣٨٣)، سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٣١).
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٠١)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٤/ ٣١)
(٣) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٧١)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٤/ ٩٢)
(٤) خيار الشرط: أن يشترط أحد المتعاقدين الخيار ثلاثة أيام أو أقل. انظر: (التعريفات للجرجاني ١/ ١٠٢).
(٥) علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد، أبو الحسن، فخر الإسلام البزدوي، الفقيه بما وراء النهر، فقيه أصولي، من أكابر الحنفية، له تصانيف، منها "المبسوط"، و"كنز الوصول" في أصول الفقه يعرف بأصول البزدوي، توفي يوم الخميس خامس رجب سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، ودفن بسمرقند.
انظر: تاج التراجم (ص: ٢٠٥)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٧٢).
(٦) الأوزجندي الملقب شمس الْإِسْلَام مَحْمُود بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْقَاسِم الملقب شمس الدّين جد قَاضِي خَان. ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٨٥)
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٢٣١).