للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلما لم يتناول الإقرار باليمين الإقرار بوجود الشرط كان الإنكار بوجود الشرط بمنزلة الإنكار ابتداء، فكان القول قول المنكر كما في سائر الدّعاوى، وأمّا البيع فمعاوضة فلا يتمّ إلا بالإيجاب والقبول جميعًا، ولهذا يملك الرجوع قبل قبول المشتري، فكان الإقرار بالبيع إقراراً بالإيجاب والقبول جميعًا، فإذا أنكر القبول بعد ذلك كان رجوعًا عما أقرّ به فلا يصحّ حتّى لو قال لها: بعتك طلاقك أمس، فلم تقبلي، فقالت: قبلت، كان القول قولها، كما في بيع العروض، وكذا لو قال: لعبده بعتك نفسك أمس بألف فلم يقبل، وقال: العبد قبلت، كان القول قول العبد، ولو قال: أعتقتك أمس على ألف فلم يقبل، وقال العبد: قبلت، كان القول قول المولى وهذا والطلاق سواء.

قوله -رحمه الله-: لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِ، أي لصحّة اليمين بدون الشرط على ما ذكرنا.

(وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ) إلى آخره.

يقال: بارأ شريكه أي أبرأ كل منهما صاحبه.

ومنه قولهم المبارأة كالخلع، وترك الهمزة خطأ كذا في المغرب (١) (٢).

اعلم أن الرجل إذا قال لامرأته: خالعتك، ولم يذكر المال أصلاً، فقالت المرأة: قبلت لا يسقط شيء من المهر، هذا جواب ظاهر الرواية، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده (٣) -رحمه الله- في أوّل إقرار «الكافي» (٤).

إذا قال: لها خالعتك، فقالت: قبلت، يقع الطّلاق وتقع البراءة للزوج عن المهر، إن كان عليه مهر، وإن لم يكن عليه مهر يجب عليها ردّ ما ساق إليها من المهر؛ لأنّ المال مذكور عرفاً بذكر الخلع، وهكذا ذكر القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي (٥) -رحمه الله- (٦).


(١) كتاب المُغْرِب في ترتيب المعرب لإبي الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي بن المطرز حقق الْكِتَاب محمود فاخوري وعبدالحميد مختار وطبعته مكتبة أسامة بن زيد في سوريا يقول في مقدمة الْكِتَاب ترجمتُه بكتاب " المُغْرِب في ترتيب المُعْرب" لغرابة تصنيفه ورصانة ترصيفه وإلى الله سبحانه وتعالى أبتهل في أن ينفعني به وأئمةَ الإسلام ويجمعني وإياهم ببركات جمعه في دار السلام.
(٢) ينظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٨).
(٣) هو محمد بن الحسين بن محمد، أبو بكر البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، أو خواهر زاده: فقيه، كان شيخ الأحناف فيما وراء النهر، مولده ووفاته في بخارى، له (المبسوط) و (المختصر) و (التجنيس) في الفقه، توفي سنة ٤٨٣ هـ. ينظر: تاج التراجم (ص: ٢٥٩)، اللباب في تهذيب الأنساب (٣/ ٢٠).
(٤) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٤٠)، البناية شرح الهداية (٥/ ٥٢٦).
(٥) علي بن الحسين بن محمد السغدي، أبو الحسن: فقيه حنفي، أصله من السغد (بنواحي سمرقند) سكن بخارى، وولي بها القضاء، وانتهت إليه رياسة الحنفية، ومات في بخارى. من كتبه " النتف " في الفتاوى، و" شرح الجامع الكبير " توفي سنة ٤٦١ هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (٤/ ٢٧٩).
(٦) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٤٠).