للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا قال - بالفارسية -: خويشين جريدم أرنو، وقال الزوج: وختم، يقع تطليقة بائنة ولا تردّ ما قبضت من المهر، وإن لم يقبض الزّوج من المهر؛ لأنّ الخلع يوجب البراءة، وإذا خالعها على مهرها فهذا على وجهين، أمّا إن خالعها والمهر مقبوض وذلك ألف درهم مثلاً، والمرأة مدخول بها كان عليها ردّ ما قبضت من المهر أو ردّ مثله، وإن كان غير مقبوض سقط عن الزّوج جميع المهر؛ لأنّه وجب للزوج عليها ألف درهم لأنّه خالعها على مهرها ومهرها ألف، فكان للمرأة على الزّوج مثل ذلك فيلتقيان قصاصاً، ولا يبيع صاحب بشيء من المهر لسبب الطّلاق في الفصلين جميعًا، وإن لم يكن الزوج دخل بها فخالعها والمهر مقبوض. فالقياس أن يرجع الزوج عليها بألف وخمسمائة ألف بدل الخلع وخمسمائة نصف المهر بالطلاق قبل الدخول.

وفي الاستحسان (١) يرجع عليها بألف درهم لا غير خمسمائة بدل الخلع وخمسمائة بالطّلاق قبل الدخول.

وإن كان المهر غير مقبوض فالقياس أن يرجع الزوج عليها بخمسمائة.

وفي الاستحسان لا يرجع عليها بشيء ويبرأ عن جميع المهر.

وبيان وجه الاستحسان أنّه أضاف الخلع إلى مهرها ما يجب لها بالنكاح، والواجب لها بالنكاح متى ورد الطّلاق قبل الدخول نصف المهر وذلك خمسمائة، فكأنه خالعها على خمسمائة.

هذا إذا خالعها على جميع مهرها، وإن خالعها على قبض مهرها، فإن خالعها على عشر مهر مثلاً والمهر مقبوض وذلك ألف والمرأة مدخول بها فللزّوج عليها من المهر بأنه بدل الخلع، والباقي سالم لها، وإن كان غير مقبوض سقط عن الزوج عشر المهر بدل الخلع بلا خلاف، ويسقط التسع مائة الباقية بسبب الخلع عند أبي حنيفة -رحمه الله- (٢)؛ لأن الخلع عنده يوجب براءة كل واحد منهما صاحبه عن حقوق النكاح، وسمّى ذلك في الخلع أو لم يسمّ.

وعندهما لا يسقط التسع مائة الباقية؛ لأن عندهما لا يسقط بالخلع إلا ما سميا فيه هذا إذا خالعها على جميع مهرها أو على بعض مهرها، وإن بارأها على جميع مهرها أو على بعض مهرها فعند محمد -رحمه الله- الجواب فيه كالجواب في الخلع لا يسقط إلا ما سميّا فيه، وعندهما الجواب فيه كالجواب في الخلع على قول أبي حنيفة -رحمه الله- حتّى يرى كلّ واحد منهما عن صاحبه عن جميع حقوق النكاح.


(١) الاستحسان: في اللغة: هو عد الشيء واعتقاده حسنًا، واصطلاحًا: هو اسمٌ لدليل من الأدلة الأربعة يعارض القياس الجلي ويعمل به إذا كان أقوى منه. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص ١٨).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٤٠).