للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا إذا خالعها على مال مسمّى معروف سوى الصداق، فإن كان المرأة مدخولاً بها والمهر مقبوض فإنّها تسلم إلى الزوج بدل الخلع ولا ترجع على الزوج شيء من المهر عند أبي حنيفة -رحمه الله- خلافاً لهما، بناء على الأصل الذي قلنا (١).

وأما إذا كانت المرأة غير مدخول بها والمهر مقبوض، فإنّ الزوج يأخذ منها بدل الخلع، ولا يرجع عليها بنصف المهر بسبب الطلاق قبل الدخول عند أبي حنيفة (٢).

وإن لم يكن المهر مقبوضاً، يأخذ الزّوج منها بدل الخلع وهي لا ترجع على زوجها بنصف المهر عند أبي حنيفة -رحمه الله- خلافاً لهما (٣).

وأما إذا بارأها بمال معلوم سوى المهر، فالجواب فيه عند محمد كالجواب في الخلع عنده، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف الجواب فيه كالجواب في الخلع عند أبي حنيفة -رحمه الله-.

وأما نفقة العدّة ومؤنة السكنى، إن شرط ذلك في الخلع والمبارأة يقع البراءة عنهما للزوج بلا خلاف، وإن لم يشترط ذلك في الخلع والمبارأة لا تقع البراءة بالإجماع أمّا على قولهما فلا يشكل، وأمّا على قول أبي حنيفة -رحمه الله- فلأنّ عنده الخلع إنما يوجب البراءة عن حقوق قائمة وقت الخلع، ونفقة العدّة تجب شيئاً فشيئاً، والخلع لا يمنع ثبوت حق بعده بسبب يوجد بعده كذا في الذخيرة (٤).

وذكر في «المبسوط» وإن اختلعت منه بشيء يسمّى معروف، ولها عليه مهر وقد دخل بها أو لم يدخل بها لزمها، فأسميت له ولا شيء لها ممّا سمّي على الزوج من المهر، في قول أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله- لها أن يرجع عليها بالمهر، إن كان قد دخل بها، وبنصف المهر إن كان لم يدخل بها.

وكذلك لو كانت أخذت المهر ثم خلعها قبل الدخول على شيء مسمّى، فليس للزوج أن يرجع عليها شيء من المهر في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف ومحمّد يرجع عليها بنصف المهر، وإن كان العقد بينهما بلفظ المبارأة، فكذلك الجواب في قول أبي حنيفة ومحمّد -رحمه الله- (٥).

يعني عند أبي حنيفة -رحمه الله- تسقط الحقوق الواجبة بالنكاح، كما هو مذهبه في الخلع، وعند محمد لا يسقط كما هو مذهبه في لفظ الخلع.

وقال أبو يوسف -رحمه الله- في المبارأة الجواب كما قاله أبو حنيفة -رحمه الله- (٦)، والحاصل أن الخلع والمبارأة عند أبي حنيفة -رحمه الله- يوجبان براءة كل واحد منهما على صاحبه من الحقوق الواجبة بالنكاح إلى آخره كما هو المذكور في الكتاب (٧).


(١) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٤١)، العناية شرح الهداية (٤/ ٢٣٣).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٤٢).
(٣) ينظر: المرجع السابق.
(٤) ينظر: المرجع السابق.
(٥) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٨٩).
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٨٩).
(٧) ينظر: المرجع السابق.