للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقول محمّد -في الكتاب-: لم يجز، محتمل أن لا يقع الطلاق، والصحيح أنّ الطلاق واقع وعدم الجواز منصرف إلى المال، نصّ عليه في «المنتقى» (١)، فقال: لأنّ لسان الأب كلسانها (٢).

ولو خلع امرأته الصغيرة على مهرها فقبلت، أو قالت الصغيرة لزوجها: اخلعني على مهري، ففعل، وقع الطلاق بغير بدل.

وكذا الأمة إذا اختلعت من زوجها بغير إذن المولى، إلا أنّ الأمة تؤاخذ بالبدل بعد العتق؛ لأنّها من أهل الالتزام، والمانع حق المولى وقد زال، والصغيرة لا تؤاخذ به أصلاً؛ لأنّها ليست من أهل الالتزام.

بِخِلَافِ النِّكَاحِ، أي أن البضع متقوّم عند الدخول، حتّى أنّ الرجل إذا زوّج ابنه الصغير امرأة بمهر المثل يصحّ؛ لأنّ قابل المتقوّم بالمتقوم لأنّ البضع متقوّم والصداق متقوّم.

قوله -رحمه الله-: "وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ" متصل بقوله "غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ".

وقوله: "وَنِكَاحُ الْمَرِيضِ"، يتصل، بقوله: "مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ الدُّخُولِ"، وإذا لم يجز الخُلع لما أنّ ولاية الآباء مقيدة بشرط النظر، ولا نظر في هذا العقد؛ لأنّه قابل متقومٌ وهو مال الصغير، بغير المتقوّم وهو البضع، لما ذكرنا أنّ البضع حالة الخروج غير متقوم هل يقع الطّلاق عن الصغيرة؟ فيه روايتان إذا قبل الأب.

(فَإِنْ قَبِلَتْ) هي إن كانت من أهل القبول بأن كانت تفقه أنّ الخلع شرع سالباً والنكاح شرع جالباً، (وَقَعَ الطَّلَاقُ) بالاتفاق، ولا يلزمها المال وإن لم تقبل هل يقع؟ ذكر شيخ الإسلام جواهر زاده -رحمه الله- اختلفوا فيه، وذكر أبو اليُسر -رحمه الله- والصّحيح أنّه يقع (٣).

وفي شرح الشهيد -رحمه الله- فيه روايتان والأصحّ أنّه يقع؛ لأنّ العاقد هو الأب فيعتبر بقوله، فالزّوج علق وقوع الطّلاق بقوله، ولو علّق بشرط آخر، كما إذا علق بدخوله الدار وغيره، فكذا إذا علّق بقبوله، ولهذا المعنى قلنا: أنّه إذا خالع امرأته وهي صغيرة عاقلة وقبلت، يقع الطلاق وإن كان لا يسقط المهر كذلك ههنا (٤).

وجه الرواية التي قال لا يقع، هو أنّ الخلع في معنى اليمين، والأيمان لا تجري فيها النيابة (٥)، ولو انعقد من الأب انعقد بطريق النيابة، إلا أن هذا لا يقوى فإن الأب يوجد منه شرط اليمين لا نفس اليمين، وشرط اليمين يصحّ من كلّ أحد، كذا في شرح صدر الإسلام وقاضي خان والتمرتاشي (٦).


(١) المنتقى، في فروع الحنفية، للحاكم الشهيد أبي الفضل: محمد بن محمد بن أحمد. ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٨٥١).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٧٤)، العناية شرح الهداية (٤/ ٢٣٧).
(٣) ينظر: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار (ص: ٢٣٧).
(٤) ينظر: المرجع السابق.
(٥) ينظر: (قواعد الأحكام في مصالح الأنام ٢/ ١٧٢).
(٦) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٥٣)، العناية شرح الهداية (٤/ ٢٣٩).