للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنّما اعتبر العود مع الظهار -والله أعلم-؛ لأنّ الظهار منكر من القول وزور وهو كبيرة محضة، والكبيرة المحضة لا تصلح سبباً لإيجاب الكفارة، فلما أعاد الظهار في حال بيان السببية، وعلق الكفارة به قرن العود بالظهار ليُخْفِ معنى الحرمة؛ [إذ العود] (١) باعتبار العود هو [بعض] (٢) ما قال، فكان الظهار مع العود سبباً للكفارة، وإنّما جاز أداء الكفارة بعد الظهار قبل العود حقيقة، ولا يجوز تعجيل الحكم قبل تمام السّبب؛ لأنّ الكفارة إنما شرعت إنهاءً للحرمة الثابتة بالظهار، فلا يمكنه أن يوقع الفعل حلالاً إلا بعد إنهاء الحرمة بالكفارة، فجوّز التعجيل [على الفعل ليكون] (٣) الفعل واقعًا بصفة الحلّ بعد انتهاء الحرمة، ونظير هذا الوضوء فإن سبب وجوبه القيام إلى الصّلاة (٤)، قال الله تعالى: {[إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ] (٥) فَاغْسِلُوا} (٦) معناه إذا قمتم وأنتم محدثون.

لكن القيام إلى الصّلاة لما لم يصح مع الحدث (٧) جوّز التقديم عليه ليكون القيام إلى الصّلاة في [حال] (٨) الطّهارة، ويجب على المرأة أن تمنع الزّوج عن الاستمتاع بها حتّى يكفر وللمرأة أن تطالب الزوج بالوطء عند الحاكم وعلى الحاكم أن يجبره حتّى يكفر ويطأ؛ لأنّه أضرّ بها بالامتناع عن الوطء مع قيام الملك وفي وسعه إزالته بالتكفير، ثم هذه الحرمة لا تزول بسبب من أسباب الإباحة ما لم توجد الكفارة، لا بالنكاح ولا بملك اليمين (٩)، ولا بإصابة الزوج الثاني، حتّى أن المظاهر إذا طلقها طلاقاً باينًا وانقضت عدتها، ثم تزوّجها لا يحلّ له وطؤها حتى يكفّر.

وكذلك لو كانت الزّوجة أمة الغير فظاهر منها ثم اشتراها حتّى بطل النكاح لم يحل له أن يطأها بملك اليمين حتّى يكفّر.


(١) سقطت من (ب).
(٢) في (أ): نقص.
(٣) سقطت من (ب).
(٤) الصلاة: في اللغة: الدعاء، وفي الشريعة: عبارة عن أركان مخصوصة، وأذكار معلومة، بشرائط محصورة في أوقات مقدرة، والصلاة أيضًا: طلب التعظيم لجانب الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. ينظر: (التعريفات للجرجاني ص: ١٣٤)
(٥) سقطت من (ب).
(٦) سورة المائدة (الآية/ ٦).
(٧) الحدث هو: الحالة الناقضة للطهارة شرعا. ينظر: (بدائع الصنائع ١/ ٦٨)، (الحاوي الكبير ١/ ٩٤).
(٨) في (أ): حالة.
(٩) ملك اليمين إذا أطلقت يراد بها العبد و الأمة. ينظر: (معجم الفروق اللغوية ص ٥١٢).