للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن غدّاهم وعشّاهم جاز، والرواية وعشّاهم بالواو ولا بأو، فإنّ التغدية الواحدة من غير التعشية أو التعشية من غير التغدية لا يجوز.

وذكر في «المبسوط» المعتبر في التمكين أكلتان مشبعتان إمّا الغداء والعشاء، وإمّا غداءان أو عشاءان لكل مسكين، فإنّ المعتبر حاجة اليوم وذلك بالغداء والعشاء (١).

وفي المجرّد عن أبي حنيفة -رحمه الله- إذا غدا ستين وعشا آخرين لا يجوز، ذكره في «المحيط» (٢).

(قَلِيلًا كَانَ مَا أَكَلُوا أَوْ كَثِيرًا)، أي: بعدما شبعوا فالمعتبر فيه الشبع لا المقدار، وذكر في «المحيط»، وإذا غدّاهم وعشّاهم فالمعتبر فيه أكلتان مشبعتان، ولا معتبر فيه لمقدار الطّعام (٣).

وروي عن أبي حنيفة -رحمه الله- في كفارة اليمين لو قدّم أربعة أرغفة (٤) أو ثلاثة بين يدي عشرة، وشبعوا أجزاه وإن لم يبلغ ذلك إلا صاعاً أو نصف صاع، وإن كان أحدهم شبعان هل يجوز؟.

اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: يجوز؛ لأنّه وجد إطعام العشرة وقد شبعوا، وقال بعضهم: لا يجوز؛ لأنّ المأخوذ عليه إشباع العشرة، وهو ما أشبع العشرة إنّما أشبع التسعة (٥).

وقال الشافعي: لا يجوز إلا التمليك (٦)، وعندنا الإطعام بالكفّارات يتأدّى بالتمكين من الطّعام.

وقال الشافعي -رحمه الله-: لا يتأدّى إلا بالتمليك من الفقير، وكان حمدان بن سهل (٧) يقول: لا يتأدّى بالتمليك، وإنّما يتأدّى بالتمكين فقط؛ لظاهر قوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (٨) والإطعام فعل متعد ولازمه طعم يطعم في ذلك الأكل دون الملك، ففي التمليك لا يوجد حقيقة الإطعام.


(١) المبسوط للسرخسي (٧/ ١٥).
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٣٧).
(٣) المرجع السابق.
(٤) الرَّغْف، وَهُوَ جمعك الْعَجِين أَو الطين تكتّله بِيَدِك، رغفتُه أرغَفه رَغْفاً، إِذا جمعته، وَمِنْه اشتقاق الرَّغِيف. ينظر: (جمهرة اللغة ٢/ ٧٧٨).
(٥) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٣٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ١٢).
(٦) ينظر: كفاية النبيه في شرح التنبيه (١٥/ ٢٢).
(٧) حَمْدان بن سهل الفقيه، أبو بكر، من أهل بَلْخ، يروي عن: مكي بن إبراهيم، وأبي الوليد الطيالسي. روى عنه أهل بلده، كان ممن جَمَعَ وصَنَّفَ وحفظ وذاكر وقَمَع المخالفين وذَبَّ عمن انتحل السنن مع الورع الشديد والجهد الجهيد. ينظر: الثقات لابن حبان (٨/ ٢٢٠)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (٤/ ٢٣).
(٨) سورة المجادلة (الآية/ ٤).