للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف ما إذا كانتا من جنسين؛ لأنّ نية التعيين معتبرة عند اختلاف الجنس.

فكذلك يعتبر نيته عن الكفارتين ليكون عن كلّ واحد منهما نصف المؤدّى، كذا في «المبسوط» (١).

ولهما أن النية في الجنس الواحد لغو وفي الجنسين معتبرة.

ألا ترى أن قضاء أيّام من رمضان لا تجب فيه نية التعيين، وقضاء رمضان وصوم النذر يفتقر إلى تعيين النية، لاختلاف جنسهما، وإن أعتق عن ظهار وقتل لم يجز عن واحد منهما، ما لو أعتق رقبة كافرة عنهما يقع عن الظهار -كذا ذكره الإمام التمرتاشي- (٢).

كان له أن يجعل ذلك عن أيّهما شاء، هذا جواب الاستحسان والقياس أن لا يجوز، وهو قول زفر (٣)؛ لأنّه خرج الأمر من يده على ما يجيء.

وَلَنَا أَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَتَلْغُو، أراد به تعميم الجنس بالنيّة.

ألا ترى أنّه إذا عيّن ظهار أحديهما للتكفير صح، ويبطل ظهارها حتّى حلّ له قربانها، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٤).

لَا يَجْزِيه عَنْ أَحَدِهِمَا فِي الْفَصْلَيْنِ، أي في الجنس المتحد كما في الظهارين، وفي الجنس المختلف كما في قتل وظهار، وحاصله أنّ عند زفر شمول العدم (٥).

وعند الشافعي شمول الجواز، وعندنا بالفصل، ففي الجنس الواحد كما إذا أعتق رقبة واحدة عن كفارتي ظهارين يجوز عن أحديهما (٦)، وكان له أن يصرف إلى أيهما شاء [ولما ذكرنا أنّ نية التعيين في الجنس المتحد لغو، وإذا لغا بقي الإعتاق عن الظهار مطلقاً لا غير، ولو أعتق جاز عن أحدهما ثم له التعيين فكذلك عند النية] (٧).

وأمّا إذا أعتق رقبة واحدة عن كفارتي ظهار وقتل لا يجوز عن واحد منهما.

ولنا أنّ نيّة التعيين في الجنس المتحد كما في الظهارين غير معتد، فيلغو، فبقي الإعتاق عن الظهار مطلقاً لا غير.

ولو أطلق جاز عن أحدهما، ثم له التعيين، فكذلك عند لغو النية عنهما جميعًا، وباعتبار اتحاد الجنس يجوز له التعيين عن أحدهما، فيملك التعيين كمدة قضاء أيام من رمضان عليه نية القضاء لا تعيين اليوم بأنّه صوم يوم السّبت أو يوم الأحد.


(١) المبسوط للسرخسي (٧/ ١٨).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٨٥)، المبسوط للسرخسي (٣/ ١٣٤).
(٣) ينظر: الاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٦٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ١٣).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٢٧٤).
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٢٧٤).
(٦) ينظر: المرجع السابق.
(٧) سقطت من (ب).