للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

-أيضاً-، ولكنا نقول إنكاره بقي للقذف، وإكذابه نفسه تقدير للقذف، فكيف يستقيم إقامة إنكاره مقام إكذابه نفسه فلهذا لا يحدّ.

(وَلَوْ كَانَ الْقَذْفُ بنفي بِوَلَدٍ) إلى آخره.

ولو نفى ولد زوجة محدودة أو كتابية أو مملوكة والزوج حر أو عبد كان نفيه باطلاً، فيلزم الولد إياه؛ لأنّ النّسب قد ثبت بالفراش، فلا ينقطع إلا باللعان، وقد تعذّر إثبات اللعان بينهما بانعدام أهلية الشهادة فيهما أو في أحدهما فيبقى النّسب ثابتًا منه، ولا حدّ على الزوج ولا لعان، هذا الجواب بإطلاقه محمول على ما إذا كان الزّوج حراً مسلمًا حتى يمتنع جريان اللعان بينهما من قبلها، وأمّا إذا كان الزّوج عبدًا والمرأة محدودة فعلى العبد إذا قذف حدّ القذف، كذا في «المبسوط» (١).

قوله -رحمه الله-: (وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) هذا زيادة تأكيد لقوله تعالى نفى القاضي نسبه.

"وَصُورَةُ اللِّعَانِ"، أي: صورة اللعان في نفي الولد.

"فَيُوَفِّرُ عَلَيْهِ"، أي: على الزّوج.

"فَيَتَضَمَّنُهُ الْقَضَاءُ بِالتَّفْرِيقِ"، أي: القضاء بالتّفريق يتضمّن نفي الولد.

"وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ -رحمه الله- أَنَّ الْقَاضِي يُفَرِّقُ وَيَقُولُ"، أي: القاضي يقول: قد فرقت بينكما أو قطعت نسب هذا الولد عنه، حتّى لو لم يقل ذلك لا ينتفي النّسب عنه، وهذا صحيح؛ لأنّه ليس من ضرورة التفريق باللعان نفي النسب، كما بعد [موت] (٢) الولد يفرق بينهما باللّعان ولا ينتفي نسبه عنه فلابدّ أن يصرّح القاضي بنفي النّسب رواه بشر (٣) عن أبي يوسف كذا في «المبسوط» (٤).

"لِأَنَّهُ"، أي: لأن نفي الولد، "يَنْفَكُّ عَنْهُ"، أي: عن القضاء بالتفريق؛ لأنّ كلّ واحد منهما ينفكّ عن الآخر وجودًا وعدماً.

ألا ترى أنّه إذا نفى ولد أم الولد يثبت النفي ولا يثبت اللّعان ولا التّفريق، ولو قال لامرأته: يا زانية ولها منه ولد يثبت اللعان، ولا يلزم نفي الولد، وإذا عاد الزّوج وأكذب نفسه، حدّه القاضي هذا إذا لم يطلّقها تطليقة بائنة بعد القذف، فإنّه إذا أكذب نفسه بعد القذف والبينونة لا يجب عليه الحدّ واللّعان.


(١) المبسوط للسرخسي (٧/ ٤٧).
(٢) سقطت من (أ).
(٣) بشر بن الْوَلِيد بن خَالِد بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ القَاضِي أحد أَعْلَام الْمُسلمين وَأحد الْمَشَاهِير سمع عبد الرَّحْمَن ابْن الغسيل وَمَالك بن أنس وَهُوَ أحد أَصْحَاب أبي يُوسُف خَاصَّة وَعنهُ أَخذ الْفِقْه وَكَانَ جميل الْمَذْهَب حسن الطَّرِيقَة صَالحا دينا عابدا وَاسع الْفِقْه وَكَانَ مُتَقَدما عِنْد أبي يُوسُف وروى عَنهُ كتبه وأماليه. ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ١٦٦).
(٤) المبسوط للسرخسي (٧/ ٥٨).