للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنّها تجب على الكتابية (١) تحت المسلم، وهي لا تخاطب بالعبادات، كذا في «المبسوط» (٢).

قوله -رحمه الله-: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ (٣)، أي لاعنته هكذا روى في رواية أخرى، وذلك أنّهم كانوا إذا اختلفوا في شيء اجتمعوا وقالوا: بهلة الله على الظّالم منّا، وإذا ورثت المطلقة لجانب الإرث ليكون هو بهذا اللفظ متناولاً للتباين الذي فيه الإرث سواء كان ثلاثاً أو دونها، وهو ما إذا طلّق المريض امرأته أي طلاق كان، ثم مات وهي في العدّة فإنّها ترث وهو طلاق الفارّ، وقد مرّ، ومخرجًا لما هو غير داخل فيه وهو ما إذا طلق الصّحيح امرأته طلاقاً بائنًا، ثم مات هو وهي في العدّة لا تنتقل عدّتها إلى أبعد الأجلين لأنّها لا ترث.

وذكر في «المحيط» (٤) وأمّا إذا كانت مطلقة فمات عنها زوجها، فإن كان الطلاق رجعيًّا انتقلت إلى عدّة الوفاة، وإن كانت مبتوتة (٥) فإن كانت لا ترث لا ينتقل إلى عدّة الوفاة، وإن كانت ترث فعلى هذا الاختلاف فعدّتها أبعد الأجلين، وتفسير ذلك أنّها تعتدّ أربعة أشهر وعشراً فيها ثلاث حيض، حتّى لو اعتدت أربعة أشهر وعشراً ولم تحض كانت في العدّة ما لم تحض ثلاث حيض، ولو حاضت ثلاث حيض قبل تمام أربعة أشهر وعشر لا تنقضي عدّتها حتى يتم المدة، كذا في «فتاوى قاضي خان» (٦) (٧).

لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالطَّلَاقِ (٨)، فليس عليها عدّة الوفاة، لما أن سبب وجوب عدّة الوفاة انتهاء النكاح بالموت فإذا لم يوجد لا يلزمها عدّة الوفاة، وهما يقولان: أخذت ميراث الزوجات بالوفاة، فيلزمها عدّة الوفاة كما لو كان طلّقها تطليقة رجعية؛ وهذا لأنّا إنّما أعطيناها الميراث باعتبار أنّ النكاح بمنزلة القائم بينهما حكمًا إلى وقت الموت، أو باعتبار إقامة العدّة مقام أصل النكاح حكمًا؛ إذ لابدّ من قيام السّبب عند الموت لاستحقاق الميراث، والميراث لا يثبت بالشّك، والعدّة تجب بالشك فإذا جعل في حكم الميراث النكاح كالمنتهي بالموت حكمًا ففي حكم العدّة أولى.


(١) كتابية: أي من أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى. ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٧/ ٤١٩)، المغني لابن قدامة (١/ ٦١).
(٢) المبسوط للسرخسي (٦/ ٣٢).
(٣) المباهلة: من باهله مباهلة، لعن كل منهما الآخر وابتهل إلى الله: ضرع إليه، وبهله بهلا: لعنه، وباهل بعضهم بعضا: اجتمعوا فتداعوا فاستنزلوا لعنة الله على الظالم منهم. ينظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٦٤).
(٤) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦٥).
(٥) الْمَبْتُوتَةُ: هِيَ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا مِنْ الْبَتِّ وَهُوَ الْقَطْعُ. ينظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ٥٠)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٣٥).
(٦) فتاوى قاضي خان: لحسن بن منصور بن أبي القاسم فخر الدين، المعروف بقاضي خان.
(٧) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٣١).
(٨) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٦٠٢).