للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثالثة عن الوطء الثاني خاصة.

وذكر في «الذخيرة» (١) وإذا وجبت العدتان من جنس واحد كالمطلقة إذا تزوّجت في عدّتها، فوطئها الثاني وفرق بينهما، [أو] (٢) من جنسين كالمتوفى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة تداخلت، واعتدّت بما رأته من الحيض والأشهر، هذا إذا وطئها أجنبي (٣) بشبهة أمّا إذا وطئها الزّوج المطلق بشبهة تداخلت العدّتان بالإجماع.

وذكر في «المبسوط»: وإن كانت العدّتان من واحد بأن وطء معتدته بعد البينونة بالشبهة فلا شك عندنا أنّهما ينقضيان بمدة واحدة، وهو أحد قولي الشافعي، وفي القول الآخر يقول: لا تجب العدة بالسّبب الثاني أصلاً.

وحجته في ذلك أنهما حقان وجبا لمستحقين، فلا يتداخلان كالمهرين؛ ولأنّ العدّة فرض كفّ لزمها في المدّة، فلا يجتمع الكفان في مدّة واحدة، كصومين في يوم واحد وهذا هو الحرف الذي يدور عليه الكلام، فإنّ المعتبر عنده معنى العبادة في العدّة؛ لأنّه كف عن الأزواج والخروج فيكون عبادة كالكفّ عن اقتضاء الشهوات بالصّوم (٤).

وحجّتنا في ذلك أنّ العدّة مجرّد أجل، والآجال تنقضي بمدة واحدة في حق الواحد والجماعة كآجال الدّيون.

وبيانه أنّ الله تعالى سمّى العدّة أجلاً، وقال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٥) وسمّاه تربصاً والتربص هو الانتظار، والانتظار يكون بسبب الأجل، كالانتظار

في المطالبة بالدّين إلى انقضاء الأجل، من حيث المقصود في الأجل، فإنّ مقصود كلّ واحد من صاحبي العدّة يتم بثلاث حيض، وهو العلم بفراغ رحمها من مائه.

معنى العبادة في العدّة تبع لا مقصود وإنّما ركن العبادة حرمة الخروج والتزوّج.

ألا ترى أنّ الله تعالى ذكر ركن العدّة بعبارة النهي فقال: {وَلَا يَخْرُجْنَ} (٦) وقال: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} (٧)، وموجب النهي التحريم، والحرمات تجتمع، فإنّ الصيد حرام على المحرم في الحرم لحرمة الحرم وحرمة الإحرام.


(١) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦٥).
(٢) سقطت من (أ).
(٣) والأجنبي عن المرأة من لم يكن محرما لها. ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٢/ ١١٢)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٢٣٤).
(٤) المبسوط للسرخسي (٦/ ٤١).
(٥) سورة الطلاق (الآية/ ٤).
(٦) سورة الطلاق، الآية (١).
(٧) سورة البقرة، الآية (٢٣٥).