للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى ينقضي بدون علمها ومع تركها الكفّ علم أنّ فعل الكف والتربص ليسا بمقصودين.

ألا ترى أنها تجب على من ليس بأهل لوجوب الفعل وهي الصبية والمجنونة، بل المقصود منها ترك الفعل إلى أجل وانعدام الفعل إلى أجل وهذا ممّا يتحقّق بدون العلم.

ألا ترى أنّ الله تعالى سمّاها أجلاً، وسائر الآجال التي ضربت للمنع عن الفعل ينقضي بدون العلم، كذا في «مبسوط فخر الإسلام» (١)، نفياً لتهمة المواضعة (٢)، فهما إن يتواضعا على الطلاق وانقضاء العدّة ليصحّ إقرار المريض لها بالدّين ووصيته لها بشيء أو يتواضعا على انقضاء العدّة بأن يتزوّج أختها أو أربع سواها.

وذكر في «الذخيرة» (٣) قال محمّد -رحمه الله-: في الأصل تجب العدّة من وقت الطّلاق واختيار مشايخ بلخ (٤) على أنّه تجب العدّة من وقت الإقرار عقوبة عليه جزاءً على كتمانه الطّلاق، ولكن لا تجب لها نفقة العدّة، ولا مؤنة السكنى؛ لأنّ ذلك حقّها وقد أقرّت هي بسكوتها.

وينبغي على قول هؤلاء أن لا يحلّ له التزوّج بالأخت وأربع سواها ما لم ينقض العدّة من وقت الإقرار.

وحُكى عن الشيخ الإمام أبي الحسن السغدي -رحمه الله- أنّه كان يقول: ما ذكر محمّد في الأصل أنّ العدّة تعتبر من وقت الطّلاق محمول على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطّلاق إليه، أمّا إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدّقان في الإسناد.

قال محمّد -رحمه الله-: وعلى هذا إذا فارق الرجل امرأته زماناً، ثم قال لها: كنت طلقتك منذ كذا، والمرأة لا تعلم بذلك بصدق وتعتبر عدّتها من ذلك الوقت (٥).


(١) ينظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ٩٢).
(٢) المواضعة: أن يتظاهر أو يتواطأ شخصان على إبرام عقد صوري بينهما إما بقصد التخلص من اعتداء ظالم على بعض الملكية، أو بإظهار مقدار بدل أكثر من البدل الحقيقي ابتغاء الشهرة والسمعة، أو لتغطية اسم الشخص الذي يعمل لمصلحته باطناً، ومن أمثلته: إعلان زيادة في المهر في عقد الزواج بعد الاتفاق سراً على مقدار المهر الحقيقي بقصد الرياء والسمعة والشهرة. ينظر: الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (٤/ ٣٠٤٢).
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦٢).
(٤) بلخ مدينة مشهورة بخراسان، وقيل: إن أول من بناها لهراسف الملك لما خرّب صاحبه بخت نصّر بيت المقدس، وقيل: بل الإسكندر بناها، وكانت تسمى الإسكندرية قديما. ينظر: معجم البلدان (١/ ٤٧٩)
(٥) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦٢).