للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو عزم الواطئ على ترك وطئها بأن أخبر أني تركت وطئها، والإخبار أمر ظاهر فيدار الحكم عليه، أمّا آخر الوطئات فلا يعلم لاحتمال وجود غيره أي غير الوطء الذي وجد.

وذكر في «الخلاصة» (١)، والنصاب المتاركة في النكاح الفاسد بعد الدّخول لا يكون إلا بالقول، بقوله: تركتك وما يقوم مقام هذا القول بأن يقول: تركتها وخليت سبيلها، أمّا عدم المجيء فلا؛ لأن استدامة الصحبة معها لا يكون والغيبة ليست لمتاركة؛ لأنّه لو عاد إليها يعود، وأمّا لو أنكر نكاحها فهو ليس بمتاركة.

والنكاح الفاسد لا حكم له قبل الدخول، حتّى لو تزوّج امرأة نكاحاً فاسدًا بأن مسّ أمّها بشهوة ثم تركها له أن يتزوّج الأم.

وقال زفر -رحمه الله-: من آخر الوطئات، وبه أخذ أبو القاسم الصّفار -رحمه الله- ذكره في الذخيرة (٢).

وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، أي غير الوطء وهو الزّوج الثاني، فيحلف كالمُودِع بأن قال المُودِع: هلكت الوديعة (٣)، أو قال: رددت وأنكر المودع ما قاله، كان القول قول المودع مع اليمين؛ لأنّه أمين والقول قول الأمين مع اليمين فكذلك ههنا.

(وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) إلى آخره، هذه من المسائل المعروفة التي ذكرها في «التتمة» (٤) و «الذخيرة» (٥) وغيرهما، وهي كلّها مبنية على أصل واحد؛ وهو أنّ الدخول في النكاح الأوّل هل يكون دخولاً في النكاح الثاني أم لا، فعند محمّد -رحمه الله- لا يكون، وعندهما يكون.


(١) الخلاصة المسمى: خلاصة المختصر ونقاوة المعتصر، تأليف الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، ت ٥٠٥ هـ، وهو اختصارٌ وترتيبٌ لمختصر المزني، بالفقه الشافعي، وهو من مطبوعات دار المنهاج.
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٧).
(٣) الوديعة: هي أمانة تركت عند الغير للحفظ قصدًا. ينظر: التعريفات للجرجاني (ص: ٢٥١).
(٤) التتمة في الفتاوى؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة البخاري المتوفى سنة (٦١٦ هـ) والتتمة كتابٌ جمع فيه مصنفه ما وقع إليه من الحوادث والواقعات وضم إليها ما في الكتب من المشكلات وجمع في كل مسألة روايات مختلفة. يُنْظَر: كشف الظنون (١/ ٨٢٣)، معجم المؤلفين (٣/ ٧٩٦)، الفوائد البهية (ص ٣٣٦).
(٥) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٥٨).