للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وصورة المسألة الأولى: إذا تزوّجت المرأة غير كفؤ ودخل بها فرفع الولي إلى القاضي حتّى فرّق بينهما، فألزمه المهر، وألزمها العدّة، ثم تزوّجها هذا الرجل في العدّة بغير الولي، وفرّق القاضي بينهما قبل أن يدخل بها كان لها عليه المهر الثاني كاملاً، وعليها عدّة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله استحساناً (١).

وقال محمّد -رحمه الله-: لها في العقد الثاني نصف المهر، وعليها بقيّة العدّة وقال زفر

-رحمه الله-: لها نصف المهر في العقد الثاني ولا شيء من العدّة (٢).

والثابت هذه المسألة المذكورة في الكتاب.

واحتج محمّد -رحمه الله- بظاهر قوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (٣) وفي النكاح الثاني الطّلاق حصل قبل المساس؛ لأنّ العقد الثاني غير مبني على الأوّل والدخول في النكاح الأوّل يجعل كالدخول في النكاح الثاني، إلا أنّه يوجب بقيّة العدّة الأولى احتياطاً؛ لأنّ تلك العدّة كانت واجبة بالطلاق قبل الدخول صار النكاح الثاني كالمعدوم.

قوله -رحمه الله-: وَإِكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى، جواب سؤال يرد على قوله: لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ، بأن يقال: لما كان هذا طلاقاً قبل المسيس لزم أن لا تجب العدّة في النكاح الثاني أصلاً لا الإكمال ولا الاستئناف، كما قول زفر (٤).

فأجاب عنه نعم كذلك، إلا أنّه لما طلّقها ثانياً صار كأن النكاح الثاني لم يوجد، فيجب عليها إكمال العدّة الأولى كما لو لم يتزوّجها ثانياً أصلاً، فظهر حكم الطلاق الأوّل وكان هو بعد الدّخول فتجب عدّته.

كَمَا لَوْ اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ، أي منكوحته التي ولدت، منه ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فيجب عليها ثلاث حيض، حيضتان من النكاح يجتنب فيهما ما يجتنب المنكوحة من الخروج والبروز والتزين، وحيضة من العتق لا يجتنب فيها؛ لأنّه لما اشتراها فسد النكاح ووجبت العدّة.

ألا ترى أنّه لا يجوز أن يتزوّجها، وإنّما لم يظهر حكم العدة في حقه لمانع وهو ملك اليمين، فإذا زال المانع ظهر حكم العدّة في حقه -أيضاً-، فوجبت حيضتان لفساد النكاح وهما معتبران من الإعتاق -أيضاً- ويلزمها الإحداد.


(١) ينظر: المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٨).
(٢) ينظر: المرجع السابق.
(٣) سورة الأحزاب، الآية (٤٩).
(٤) ينظر: المرجع السابق.