للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الثالثة فإنّها تجب من العتق خاصّة فلا يلزمها الإحداد كذا في «الإيضاح» (١).

وَبَقِيَ أَثَرُهُ، وقد بقي أثره، والواو للحال، أي والحال أن أثر الوطء الأوّل باقٍ، وهو العدّة فإذا جدّد النكاح والحال أنّها مقبوضة بالدّخول في النكاح الأوّل فناب ذلك القبض الذي كان قبضها بالدخول مناب القبض المستحق في النكاح الثاني، أي مناب الدخول المستحق في النكاح الثاني، فإذا طلّقها صار كأنه طلّقها بعد الدخول في النكاح الثاني، فيجب عليه مهر كامل، وعليها عدّة مستقبلة بمجرّد النكاح والطّلاق الثاني.

فإن قلت: لو كان مجرّد النكاح الثاني بمنزلة النكاح والدخول لما وقعت البينونة بصريح الطلاق بعد النكاح الثاني، كما لا تقع البينونة فيما إذا وجد الوطء حقيقة بعد النكاح.

قلت: هذا اعتبار فاسد، فإنا ما جعلنا النكاح الثاني مقام النكاح والدّخول من كلّ وجه، بل أقمناه مقام الدخول في حق تكميل المهر، ووجوب استئناف العدّة لا غير، فلم يلزم من إقامة النكاح الثاني مقام الدّخول في هذين الحكمين إقامته مقامه في جميع الأحكام.

ألا ترى أنّ الخلوة قائمة مقام الدّخول في حق تكميل المهر ووجوب العدّة الكاملة، وغير قائمة مقام الدّخول في حق غيرهما، حتّى أن صريح الطّلاق بعد الخلوة يبينها مع أنّ الخلوة قائمة مقام الدخول في حق ذينك الحكمين، فعلم بهذا أنّه لم يلزم من إقامة النكاح الثاني مقام الدّخول في ذينك الحكمين إقامته مقامه في حق صريح الطّلاق يعقب الرجعة (٢)، وكذلك إن كان النكاح الأول فاسدًا أو كان دخل بها بشبهة، ثم تزوّجها نكاحًا صحيحًا في العدّة، وإن كان النكاح الأوّل صحيحًا والثاني فاسدًا ففرّق بينهما قبل الدخول لا يجب المهر بالاتفاق؛ لأنّ صيرورته قابضاً باعتبار تمكنه من القبض شرعًا، وذلك بالعقد الفاسد لا يكون، ألا ترى أن الخلوة في النكاح الفاسد لا يوجب المهر والعدة فهنا كذلك، العدة الأولى لم تسقط بمجرّد العقد الفاسد، فبقيت معتدة كما كانت ولا مهر لها عليه إذا فرق بينهما قبل الدخول كذا في «المبسوط» (٣) في باب الأكفاء من النكاح؛ لأن الأولى قد سقطت بالتزوّج فلا يعود لأن السّاقط لا يعود.


(١) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٣/ ٢٠٣)، العناية شرح الهداية (٤/ ٣٣٢).
(٢) الرجعة في الطلاق: هي استدامة القائم في العدة، وهو ملك النكاح. ينظر: التعريفات للجرجاني (ص: ١٠٩).
(٣) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٩).