للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجوابه ما قلنا، إشارة إلى قوله: وَإِكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى، وإلى قوله: وَلَهُمَا أَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ فِي يَدِهِ، إلى آخره.

وكذا إذا خرجت الحربية (١) إلينا مسلمة، والإسلام ليس بشرط في عدم وجوب العدّة عليها، بل الشّرط هو الخروج على سبيل المزاعمة، أي المغاضبة وعلى نيةِ أن لا تعودَ إلى دار الحرب أبدًا، يقال: راغم فلان قومه إذا نابذهم وخرج عنهم، والدّليل على ما قلنا ما ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- فقال: خرج أحد الزوجين إلينا مسلمًا أو ذميًّا (٢) أو مستأمنًا (٣)، ثم أسلم أو صار ذميًا والآخر على حربه، فقد زالت الزوجية، ثم إن كانت المرأة هي الخارجة، فلا عدّة عليها، وقال أبو يوسف ومحمّد -رحمهما الله-: عليها العدّة ولا نفقة لها وإن كان الخارج هو الرجل، فله أن يتزوّج أربعًا سواها وفيهن أختها.

لو وقعت الفرقة بسبب آخر وهو الطّلاق.

بِخِلَافِ مَا إذَا هَاجَرَ وَتَرَكَهَا، أي: جاء الزوج إلى دار الإسلام، وترك امرأته في دار الحرب لا تجب العدّة عليها بالاتفاق؛ لعدم تبليغ خطاب العدّة إليها؛ لأنّها في دار الحرب {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (٤) الآية، فالله تعالى أباح نكاح المهاجرة (٥) مطلقاً، فتقييد ذلك بما بعد انقضاء العدّة يكون زيادة على النص.

إلا أن تكون حاملاً والفرق بين الحامل والحائل (٦) ظاهر؛ لأنّ الحمل أمنع للنكاح من احتمال الحمل.


(١) أهل الحرب أو الحربيون: هم غير المسلمين الذين لم يدخلوا في عقد الذمة، ولا يتمتعون بأمان المسلمين ولا عهدهم. ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٢/ ٢٣٠)، المغني لابن قدامة (٦/ ٣٧٢).
(٢) الذمي نسبة إلى الذمة، أي العهد من الإمام - أو ممن ينوب عنه - بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام. ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٦/ ٢٤)، التعريفات للجرجاني (ص: ١٠٧)
(٣) استأمنه: طلب منه الأمان، واستأمن إليه: دخل في أمانه، وفي الاصطلاح: المستأمن: من يدخل إقليم غيره بأمان مسلما كان أم حربيا. ينظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٢٤)، الأم للشافعي (٤/ ٢٦٣)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣٢٨).
(٤) سورة الممتحنة، الآية (١٠).
(٥) الهجرة: هي ترك الوطن الذي بين الكفار والانتقال إلى دار الإسلام. ينظر: التعريفات للجرجاني (ص: ٢٥٦).
(٦) الحائل: هي التي لم تحمل. ينظر: لسان العرب (١/ ٥٩٧).