للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أنّ أم الولد يزوّجها مولاها إذا كانت حائلاً، ولا يزوّجها إذا كانت حاملاً، كذا في الفوائد الظهيرية.

والأول أصحّ وهو أن لا يجوز نكاح المهاجرة إذا كانت حاملاً من أهل الحرب، بخلاف الحُبلى من الزنا؛ لأنّ الحُبلى من الزنا لا نسب له وهنا النّسب ثابت من الحربي، وباعتبار ثبوت النّسب المحل مشغول؛ فلهذا لا يصحّ النكاح ما لم يفرغ المحل عن حق الغير، كذا في «المبسوط» (١).

ثم لم يذكر في هذا الباب وجوب العدّة على الصغيرة والكتابية.

وذكر في «الذخيرة» (٢) إذا طلق الرجل امرأته وهي صغيرة لم تحض وقد دخل بها فعليها أن تعتدّ بثلاثة أشهر، وحكى عن الشيخ أبي بكر محمّد بن الفضل -رحمه الله- إذا كانت الصغيرة مراهقة وقد دخل بها الزّوج فعدّتها لا تنقضي بالأشهر، بل توقف حالها إلى أن يظهر أنّها قد حَبلت بذلك الوطء أم لا، فإن ظهر كان عدتها بوضع الحمل، وإن لم يظهر فبثلاثة أشهر، ولو حاضت في الأشهر الثلاثة تستأنف العدّة بالحيض.

ثم اختلف مشايخنا في إطلاق إيجاب العدّة على الصغيرة، أكثر مشايخنا لا يطلقون لفظ الوجوب؛ لأنّها غير مخاطبة لكن ينبغي أن يقال: «عرت باندراتسيت».

وكذلك تجب العدّة على الكتابية إذا كانت تحت مسلم، فيجب عليها ما يجب على المسلمة الحرّة كالحرّة والأمة كالأمة، وإن كانت تحت ذمي فلا عدّة عليها في موت ولا فراق، في قول أبي حنيفة -رحمه الله- (٣).

وقال أبو يوسف ومحمّد -رحمه الله-: عليها العدّة؛ لأنّ في العدّة حق الزّوج وإن كان فيها حق الشرع والكتابية مخاطبة العباد (٤).

ولأبي حنيفة -رحمه الله- أنّ العدّة لو وجبت على الكتابية إمّا أن تجب لحق الشرع ولا وجه إليه لأنّهم لا يخاطبون بحقوق الشرع، وإمّا أن تجب لحق الزوج ولا وجه إليه -أيضاً- لأنّه لا ينعقد ذلك (٥).

بخلاف ما إذا كان الزوج مسلمًا؛ لأنّ هناك العدّة يجب حقاً للشرع، لأنه يعتقد -والله أعلم- لما ذكر نفس وجوب العدّة وكيفية الوجوب وعلى من تجب ذكر في هذا الفصل ما يجب على المعتدات أن بفعلته وما لا يجب.

يقال: بت طلاق المرأة وابته والمبتوتة المرأة وأصلها المبتوت طلاقها، كذا في المغرب (٦).


(١) المبسوط للسرخسي (٥/ ٥٨).
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦١).
(٣) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٦٠).
(٤) ينظر: المرجع السابق.
(٥) ينظر: المرجع السابق.
(٦) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٣٣).