للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: المطلّقة طلاقاً رجعيًّا إذا لم تقرّ بانقضاء العدّة حتّى جاءت بولد لأقلّ من سنتين أو لأكثر وأنكر الزّوج الولادة.

والثالثة: المبتوتة إذا جاءت بالولد لأقلّ من سنتين وأنكر الزّوج الولادة، لا يُقضى بشهادة القابلة عند أبي حنيفة -رحمه الله- في هذه المسائل إلا إذا كان الزّوج أقرّ بالحبل أو كان الحبل ظاهراً، وعندهما يقضي بشهادة القابلة إذا كانت حرّةً عدلة (١).

وأمّا المنكوحة إذا جاءت بولد لستة أشهر من وقت النكاح أو لأكثر، فقال الزّوج: لم تلد به لا يلزمه حدّ ولا لعان؛ لأنّه أنكر الولادة وإنكار الولادة لا يكون قذفاً، فإن شهدت القابلة على الولادة يثبت النّسب من الزّوج عندنا.

وقال الشّافعي -رحمه الله-: لا تثبت الولادة إلا بشهادة أربع نسوة عدول (٢).

وقال مالك وابن أبي ليلى يقبل بشهادة امرأتين (٣)، وقال زفر لا يثبت بشهادة النساء أصلاً (٤).

وكذلك كلّ ما لا يطّلع عليه الرجال فهو على هذا الخلاف، ثم إذا قُبلت بشهادة القابلة عندنا على ولادة المنكوحة، فإن نفاه الزّوج لاعن القاضي بينهما؛ لأنّه نفى ولد المنكوحة.

أجمع أصحابنا على أنّه يُقضى بالنّسب بشهادة القابلة حال قيام النكاح (٥)، واختلفوا بعد الموت والطّلاق، قال أبو حنيفة -رحمه الله-: لا يثبت، وقال أبو يوسف ومحمّد -رحمهما الله- يثبت (٦)؛ لأنّ الفراش قائم بقيام العدّة وتفسير الفراش صيرورتها متعيّنة لماء الزّوج، حتّى أنّ كل ولد يحدث منها يثبت النّسب، وإنّما لا يثبت نسب ولد المعتدة إذا جاءت به لأكثر من سنتين؛ لأنّ الفراش وإن كان قائمًا في العدّة فإن الماء انعدم حكماً لأنّه لا يمكن تقدير الوطء لما فيه من النسبة إلى ارتكاب الحرام، ومع عدم الماء لا يثبت النّسب، ألا ترى أن امرأة الصبي إذا جاءت بولد لا يثبت النّسب منه؛ لعدم الماء وذكر في كتاب الدّعوى: أنّه إذا جاءت به لأكثر من سنتين فادّعاه يثبت النّسب؛ لأنا إنما لا نجعله واطئاً صيانة له عن الحرام، فإذا أقرّ على نفسه بالحرام والفراش المنبت للنّسب قائم فيثبت، كذا وجدت بخط الشيخ -رحمه الله- محالاً إلى القاضي الغني -رحمه الله-.


(١) ينظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٢٣٤).
(٢) ينظر: النجم الوهاج في شرح المنهاج (٦/ ٨١).
(٣) ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٩٠٧).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٦٣٦).
(٥) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٦٣٧).
(٦) ينظر: المرجع السابق.