للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر في كتاب النكاح ثم بعد الأخت لأمّ الأخت لأب أوفى من الخالة، اعتباراً بقرب القرابة والأخت لأب أقرب؛ لأنّها ولد الأب والخالة ولد الجدّ.

وفي كتاب الطّلاق قال: الخالة أولى من الأخت لأب، اعتباراً بالمدلي به فإن الخالة تدلي بالأمّ، والأخت لأب تدلي بالأب، والأمّ في حق الحضانة مقدّمة على الأب.

فكذلك من يدلي بقرابة الأم، يكون مقدمًا على من يدلي بقرابة الأب.

(وَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ)، أي: على الأخت لأمّ، وعلى قول زفر -رحمه الله- هما مستويتان؛ لأنّ ثبوت هذا الحق بقرابة الأم وهما سواء في ذلك، ولكنّا نقول: قرابة الأخت لأب وأمّ من وجهين، والشفقة بالقرابة فذو القرابتين يكون أشفق، فكان بالحضانة أحقّ، ويجوز أن يقع الترجيح بما لا يكون علّة للاستحقاق.

ألا ترى أنّ الأخ لأب وأمّ مقدّم في العصوبة على الأخ لأب؛ بسبب قرابة الأم وقرابة الأم ليست لاستحقاق العصوبة [بها] (١)، كذا في «المبسوط» (٢) و «الجامع الصّغير» لقاضي خان -رحمه الله- (٣).

سقط حقّها لما روينا وهو ما ذكر من قوله -عليه السلام-: «أنت أحقّ به ما لم تتزوّجي» (٤).

يقال: شيء نَزْرٌ، أي: قليل، ويقال: نظر إليه شزراً، وهو نظر المبغض، كذا في «الديوان»، وكذا كلّ زوج هو ذو رحم محرّم منه، كعمّ الولد إذا تزوّج أمّ الولد فأولاهم تعصيباً، وإذا اجتمع اخوة لأب وأمّ فأفضلهم صلاحاً وورعًا أحق به؛ لأنّ ضمه إلى أقرب العصبات (٥) لمنفعة الولد، ولهذا قدّم الأقرب وضمه إلى ابنهم صلاحاً أنفع للولد؛ لأنّه يتخلّق بأخلاقه فإن كانوا في ذلك سواء فأكبرهم أحق؛ لقوله -عليه السلام-: «الكبر الكبر» (٦)، ولأنّ حق أكبرهم أسبق ثبوتًا، فعند التعارض يترجّح بذلك، كذا في «المبسوط» (٧).

غَيْرَ أَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا تُدْفَعُ إلَى عَصَبَةٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، أي: مع وجود محرم غير العصبة، كالخال [مع ابن العمّ فإنه تدفع إلى الخال] (٨)، وهذا في رواية [عن محمد] (٩) (١٠).


(١) سقطت من (أ).
(٢) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢١١).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣٧٠).
(٤) سبق تخريجه (ص ٢٣٥).
(٥) عصبة الرجل بنوه وقرابته لِأَبِيهِ. المعجم الوسيط (٢/ ٦٠٤).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال، رقم (٦١٤٢) ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب القسامة، رقم (١٦٦٩).
(٧) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢١٢).
(٨) سقطت من (ب).
(٩) سقطت من (أ).
(١٠) ينظر: لسان الحكام (ص: ٣٣٣).