للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام التمرتاشي، فإن لم يكن واحد من العصبة يدفع إلى الأخ لأمّ، عند أبي حنيفة -رحمه الله-، ثم إلى ذوي الأرحام الأقرب فالأقرب.

وقال محمّد -رحمه الله-: لا حق لذكر من قبل النّساء، والتدبير للقاضي يدفع إلى ثقة تحضنه حتّى يستغني (١).

وعنه أنّه ثبت لهم الحق ولا حقّ لغير المحرم في حضانة الجارية، ولا للأم التي ليست بمأمونة ولا للعصبة الفاسق على الصّغير.

ووجهه أنّه إذا استغنى يحتاج إلى التأدّب وتعلّم أعمال الرجال، والأب على ذلك أقدر ويحتاج إلى من يتفقه [٣٨٦/ ب] ويؤدّبه والأب هو الذي يقوى على ذلك، [ولأن] (٢) صحبة النساء مفسدة للرجال، فإذا ترك عندها ينكسر لسانه، ويميل طبعه إلى طبع النّساء ربما يجيء مخنثاً (٣)، فلذلك يدفع إلى الأب بعد ذلك، كذا في «المبسوط» (٤)، اعتباراً للغالب؛ لأنّ الغالب أنّ الصبي إذا بلغ سبع سنين يستغني عن الحضانة والتربية فحينئذ يستنجي (٥) وحده، قال -عليه السلام-: «مروا صبيانكم بالصّلاة إذا بلغوا سبعًا» (٦)، والأمر بالصّلاة لا يكون إلا بعد القدرة على الطّهارة.

(تَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ النِّسَاءِ) من الغزل والطّبخ وغسل الثياب، والأم أقدر على ذلك.

وإذا دفعت إلى الأب اختلطت بالرجال، فيقل حياءها والحياء في النساء زينة، فإنّما يبقى ذلك إذا كانت تحت ذيل أمّها، فكانت هي أحق بها حتّى تحيض، فإذا بلغت احتاجت إلى التزويج وولاية التزويج إلى الأب، وصارت عرضةً للفتنة ومطمعًا للرجال وبالرجال من الغيرة ما ليس بالنساء، فيتمكّن الأب من حفظها على وجه لا تتمكّن الأم من ذلك.


(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣٧١).
(٢) سقطت من (أ).
(٣) المخنث لغة: بفتح النون وكسرها من الانخناث، وهو التثني والتكسر وذلك للينه وتكسره، والاسم الخنث، ويقال للمخنث: خناثة وخنيثة. ينظر: المعجم الوسيط (١/ ٢٥٨)، لسان العرب (٢/ ١٤٥).
وفي الاصطلاح: من تشبه حركاته حركات النساء خلقا أو تخلقا. ينظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٧/ ٤٠٨)
(٤) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٠٨).
(٥) الاستنجاء إزالة ما يخرج من السبيلين، سواء بالغسل أو المسح بالحجارة. ينظر: حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج (١/ ٤٣).
(٦) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، رقم (٤٩٤)، والدارقطني في سننه، كتاب الصلاة، باب الأمر بتعليم الصلوات والضرب عليها وحد العورة التي يجب سترها (٨٨٧)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب عورة الرجل (٣٢٣٣).