للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي نوادر (١) هشام عن محمّد -رحمه الله- إذا بلغت حدّ الشهوة، فالأب أحق بها للمعنى الذي أشرنا إليه، وهو قوة غيرة الرجل، فإنّ الأم ربّما تخدع فتقع في الفتنة ولا تشعر الأمّ بذلك، ويؤمن ذلك على الأب كذا في «المبسوط» (٢).

وذكر في غياث المفتي أنّ للأب ولاية أخذ الجارية إذا بلغت حدّ الشهوة (٣)، قال: والاعتماد على هذه الرواية لفساد الزمان، وإذا بلغت إحدى عشرة سنة فقد بلغت حدّ الشهوة في قولهم، ومن سوى الأم والجدّة أحق بالجارية حتّى تبلغ حدًا تشتهي.

وفي الصغير حتّى يستغني، يعني إذا كانت الجارية عند غير الأم والجدّتين نحو الأخوات والخالات والعمّات، فإنّها تترك عندهنّ - على رواية «الجامع الصّغير» (٤) - إلى أن تأكل وحدها وتلبس وحدها، ثم تدفع إلى الأب.

وهي والصغير سواء؛ لأنّها وإن كانت تحتاج إلى العلم وآداب النساء، إلا أنّ فيه نوع استخدام للصغيرة، وليس لغير الأمّ والجدّتين ولاية الاستخدام، فتدفع إلى الأب احترازاً عن المعصية، كذا في «الجامع الصّغير» لقاضي خان -رحمه الله- (٥).

وليس لهما قبل العتق حق في الولد والأمة إذا فارقها زوجها، فإنّ الولد لمولى الأمة رقيق، يأخذه المولى وهو [أحقّ] (٦) به من الأب؛ لأنّ الولد يتبع الأمّ في الملك، والمملوك مالكه أحق به من غيره.

وكذلك إن كان الزوج حرًّا لم يفارق أمّه، فالمولى أولى بالولد لكونه مملوكًا له.

ولكن لا ينبغي أن يفرّق بين الولد الصّغير وبين أمّه؛ لقوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (٧)، ولقوله -عليه السلام-: «من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة» (٨)، كذا في «المبسوط» (٩) و «الجامع الصّغير» لقاضي خان.


(١) مسائل النوادر هي المسائل المروية عن أصحاب المذهب لكن ليست في كتب ظاهر الرواية وإنما قيل لها غير ظاهر الرواية: لأنها لم ترو عن مُحَمَّد بروايات ظاهرة صحيحة ثابتة. يُنْظَر: كشف الظنون (٢/ ١٢٨٢).
(٢) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢٠٨).
(٣) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٤١٢).
(٤) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٤٨).
(٥) ينظر: لسان الحكام (ص: ٣٣٣).
(٦) في (أ): أولى.
(٧) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٨) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب السير، باب في كراهية التفريق بين السبي، رقم (١٥٦٦)، وقال: وهذا حديث حسن غريب (٣/ ١٨٦)، وأحمد في مسنده (٢٣٤٩٩)، والطبراني في المعجم الكبير (٤٠٨٠)، والحاكم في المستدرك (٢٣٣٤)، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" (٢/ ٦٣).
(٩) المبسوط للسرخسي (٥/ ٢١٣).