للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر الخصّاف (١) -رحمه الله- أنّ المعتبر حالهما جميعًا، إلى أن قال: وإذا كانت موسرة والزوج معسراً [يستوجب] (٢) عليه فوق ما يستوجب إذا كانت معسرة، ليحصل كفايتها بذلك، وفي ظاهر الرواية تقول: لما زوّجت نفسها من معسر فقد رضيت بنفقة المعسرين، فلا تستوجب على الزّوج إلا بحسب حاله، وإن كانت معسرة والزوج موسر فنفقتها دون نفقة الموسرات، وفوق نفقة المعسرات، ذكر بيان هذا في «الذخيرة» (٣) فقال: وإذا كان الزوج موسراً مفرط اليسار، نحو أن يأكل الحلواء والحمل المشوي والباجات (٤)، والمرأة فقيرة كانت تأكل في بيتها خبز الشعير لا يؤخذ الزوج أن يطعمها ما يأكل بنفسه، ولا ما كانت تأكل المرأة في بيت أهلها.

ولكن يطعمها فيما بين ذلك، ويطعمها جيّد البر وباجة أو باجتين، [٣٨٨/ أ] فهذا هو معنى اعتبار حالهما.

قال مشايخنا: والمستحبّ للزوج إذا كان موسراً والمرأة فقيرة أن يأكل معها ما يأكل بنفسه؛ لأنه مأمور بحسن العشرة معها، وذلك في أن يؤاكلها لتكون نفقته ونفقتها سواء.

قال في الكتاب: وكلّ جواب عرفته في فرض النفقة من اعتبار حال الزوج أو اعتبار حالهما فهو الجواب في الكسوة، إذ المعنى لا يختلف.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ الْوَسَطُ وَهُوَ الْوَاجِبُ، يحق على القاضي اعتبار الكفالة بالمعروف فيما فرض في كلّ وقت وأوانٍ، وكما يفرض لها قدر الكفاية من الطّعام، فكذلك من الإدام؛ لأن الخبز لا يتناول إلا مأذونًا عادة.

وجاء في تأويل قوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (٥) أنّ أعلى ما يطعم الرجل أهله الخبز واللحم، وأوسط ما يطعم الرجل أهله الخبز والزيت.

وأدنى ما يطعم الرجل أهله الخبز واللّبن، وأمّا الدهن فلأنّه لا يستغني عنه خصوصاً في ديار الحر، فهو من أصول الحوائج كالخبز، كذا في «المبسوط» (٦).


(١) هو: أحْمد بن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ الإِمَام أَبُو بكر، فرضيّ حاسب فقيه، له تصانيف منها (أحكام الأوقاف) و (الحيل) و (الوصايا) و (الشروط) و (الرضاع)، توفي ببغداد عام ٢٦١ هـ. ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٣٦٩).
(٢) في (ب): استوجب.
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٣٦).
(٤) قولهم: اجعل الباجات باجا واحدا أي ضربا واحدا ولونا واحدا، وهو معرب وأصله بالفارسية باها أي ألوان الأطعمة. ينظر: لسان العرب (٢/ ٢٠٩).
(٥) سورة المائدة: ٨٩.
(٦) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٨٢).