للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن نشزت فلا نفقة لها، وفسّر الخصّاف الناشزة، فقال: الناشزة هي الخارجة من منزل زوجها المانعة نفسها منه (١)؛ لأنّها إذا كانت مقيمة مع الزوج في منزلها فالظّاهر أنّ الزوج يقدر على تحصيل المقصود منها، فلا يوجب ذلك بطلان نفقتها.

وكذلك لو كان المنزل ملكًا للمرأة، والزّوج يسكن معها فيه، فمنعته من الدّخول عليها، لم يكن لها نفقة ما دامت على تلك الحالة؛ لأنّها لمّا منعته عن الدّخول عليها فقد حبست نفسها منه، فصارت كأنّها نشزت إلى موضع آخر، إلا أن يكون سألته أن يحوّلها إلى منزله أو يكترئ لها منزلاً آخر يصيّرها فيه، ويقول: إني أحتاج إلى منزلي ومنعته من الدّخول عليها فلها ذلك، وعليه النفقة، لأنّ منفعة الاحتباس ههنا إنّما فاتت لمعنى من جهة الزّوج، فلا يوجب بطلان النفقة، كذا في الذّخيرة (٢).

وقيل لشريح -رحمه الله-: هل للناشزة نفقة؟ قال: نعم، فقيل: كم؟ فقال: جراب من تراب، معناه لا نفقة، لها كذا في «المبسوط» (٣).

(وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا)، أي: لا تُوطأ، وقد صرّح في «الذخيرة» (٤) بأنّ المراد من الاستمتاع الوطء، وكذلك في الكتاب حتّى فرّق بين استمتاع الصّغيرة، وبين استمتاع المريضة الكبيرة على ما يجيء.

وفي «الذخيرة» (٥) وإن كانت المرأة صغيرة فإن كانت مثلها توطأ وتصلح للجماع فلها النفقة، وإن كانت مثلها لا توطأ ولا تصلح للجماع فلا نفقة لها عندنا، حتّى تصير إلى الحالة التي تطيق الجماع، سواء كانت في بيت الزّوج أو في بيت الأب.

فرق بين نفقة الزوج وبين نفقة المملوك، فإن نفقة المملوكة تجب على المالك، وإن كانت صغيرة لا تصلح للجماع، والفرق هو أنّ نفقة النكاح إنّما تجب بسبب الاحتباس المستحق بعقد النكاح، فإنّما تجب إذا حصل للزّوج منفعة من منافع النكاح على سبيل الخصوص، ومنافع النكاح على الخصوص هي الجماع، والدّواعي إلى الجماع، والصّغيرة التي لا تصلح للجماع ولدواعي الجماع -أيضاً- فكان فوت منفعة الاحتباس لمعنى جاء من [قِبلها] (٦).

وأمّا نفقة المملوك تجب لأجل الملك فقط، وذلك لا يختلف بالصّغر والكبر.


(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣٨٢).
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٢٦).
(٣) المبسوط للسرخسي (٥/ ١٨٦).
(٤) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٢٠).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٢).
(٦) في (ب): جهتها.