للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «مبسوط شيخ الإسلام:» (١): روى أبو حنيفة عن منصور بن زاذان (٢)، عن الحسن (٣)، عن [سعيد الجهيني] (٤): أن النبي -عليه السلام- كان يصلي وأصحابه خلفه، فجاء أعرابي وفي بصره سوء أي: ضعف، فوقع في ركيةٍ فضحك بعض أصحابه. الحديث (٥)، ثم قال: فإن قيل: التعلق بهذا لا يصح؛ لأنه روي أنه وقع في ركيةٍ ولم يكن في مسجد رسول الله ركية.

جوابه: ليس في خبر الجهني أنه كان يصلي في المسجد، فيجوز أن يقال بأنه كان يصلي في غير المسجد وفي الموضع الذي يصلي فيه ركية.

فإن قيل: هذا الخبر لا يصح فإنه لا يتوهم على أصحاب رسول الله -عليه السلام- الضحك في الصلاة والذين كانوا يصلون خلفه كانوا أصحابه.

جوابه: أنه كان يصلي خلفه الصحابة وغيرهم من المنافقين والأعراب الجهال، ألا ترى أن أعرابيًّا دخل المسجد فدعا وقال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا. فقال له رسول الله -عليه السلام-: «لَقَدْ حَجَرْتَ وَاسِعًا». ثم مال إلى ناحية المسجد فبال فيه، فأمر رسول الله -عليه السلام- بأن يصب عليه ذنوب من ماء (٦)!


(١) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، وإنما ذكر نحوه في المبسوط للسرخسي (١/ ٧٧) باب الوضوء والغسل.
(٢) منصور بن زادان الواسطي، روى عن: أبي العالية، وعطاء بن أبي رباح والحسن وغيرهم روى عنه: مسلم بن سعيد الواسطي وحبيب بن الشهيد وجرير بن حازم وغيرهم، وثقة الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي، مات سنة: (٢٨ وقيل: ٢٩ وقيل: ٣١ هـ)، التهذيب (١٠/ ٢٧٢/ ٥٣٦).
(٣) هو الحسن بن أبي الحسن البصري، روى عن: أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم وروى عن غيرهم، وروى عنه: حميد الطويل وغيرهم، والرجل ثقة ومدلّس، (ت ١١٠ هـ)، انظر: التهذيب (٢/ ٢٣١، ٢٣٦، ٤٨٨) والتقريب (١/ ٢٠٢) برقم ١٢٣١.
(٤) في المبسوط (١/ ٧٧) زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه-، وسعيد الجهيني روى مرسلاً عن: حذيفة بن اليمان وعمر وعثمان والصعي بن حثامة وغيرهم، روى عنه الحسن وسعيد بن ابراهيم بن عبد الرحم بن عوف وقتادة وغيرهم وثقة ابن معين وصدّقه غيره وهو من أول من تكلم في القدر، (ت ٨٠ هـ): التهذيب (١٠/ ٢٠٣، ٢٠٤) برقم (٤١٦).
(٥) انظر سنن الدارقطني (١/ ٢٩٥، ٣١٤)، وهو ضعيف جداً، كما في نصب الراية (١/ ١٠٧، ١٠٨) تحقيق: أيمن صالح شعبان.
(٦) الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي صَلَاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» يريد رحمة الله. رواه البخاري (٨/ ١٠) باب رحمة الناس والبهائم، علق على ذلك مصطفى البغا، بقوله (أعرابي): هو ذو الخويصرة اليماني -رضي الله عنه- وهو الذي بال في المسجد (حجرت) ضيفت.