للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في «الذخيرة» (١): فالحاصل أنّ هذه النفقة لا تجب إلا على ذي رحم محرّم، وهو أهل للإرث سواء كان وارثاً في هذه الحالة أو لم يكن، وعند الاستواء في المحرميّة وأهليّة الإرث، يترجّح من كان وارثاً حقيقة في هذه الحالة، حتّى أنّه إذا كان له عم وخال فالنّفقة على العم، لأنّهما استويا في المحرميّة، ويرجح العمّ في هذه الحالة على الخال بكونه وارثاً حقيقة، وكذلك إذا كان له عمّ [وعمة] (٢) وخالة، فالنّفقة على العم الموسر لا غير لما بيّنا، ولو كان العم معسراً فالنّفقة على العمّة والخالة أثلاثاً على قدر ميراثهما، ويجعل العمّ كالميّت.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ، أي: بين نفقة الولد الصّغير وبين نفقة الولد الكبير أكبر من حيث تجب نفقة الولد الصّغير بجملتها على الأب لا يشاركه فيها أحد.

وأمّا نفقة الولد الكبير [الزَمِنْ] (٣) فثلثاها على الأب لا كلّها، والثلث على الأم كما في الإرث، وهو أن الأب لمّا [٣٩٣/ ب] كانت ولايته كاملة على الصّغير صار الصّغير بمنزلة نفسه، وغير الأب لا يشارك الأب في النّفقة على نفسه، فكذا في النّفقة على الصّغير، فأمّا البالغ فليس للأب عليه ولاية ليصير في معنى نفسه، فاعتبر بسائر المحارم، فيكون نفقته باعتبار ميراثه، وميراثه يكون بينهما أثلاثاً.

فكذا النّفقة أخماساً على قدر الميراث، ثلاثة الأخماس لأخت لأب وأمّ، والخمس لأخت لأم، والخمس لأخت لأب.

فكذا النّفقة على هذا التّفصيل، غير أنّ المعتبر أهليّة الإرث قيّد به؛ لأنّه لو لم يكن أهلاً للإرث بأن كان مخالفاً لدينه لا تجب النّفقة، إلا إحرازه قيّد به؛ لأنّه لا يعتبر الإحراز في هذا الباب، كما في الخال مع ابن العمّ على ما ذكرنا، فإنّ الخال لا يحرز الميراث مع وجود ابن العم، ومع ذلك كانت النّفقة على الخال.

وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ، أي اعتبار الإرث.

وذكر في «مبسوط شيخ الإسلام» (٤): وإنّما قلنا: أن سبب استحقاق النفقة المحرمية، وقيام سبب الإرث بينهما، لا جريان الميراث بينهما حالة النّفقة؛ لأنّه لا يتصوّر جريان الميراث حالة القضاء بالنّفقة؛ لأنّ القضاء بالنّفقة حال حياة القريب والتّوارث لا يجري حالة الحياة، وقد وجد في المحرميّة قيام سبب الإرث.


(١) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٨٤).
(٢) سقطت من (أ).
(٣) في (ب): إذا كان زَمِنَاً.
(٤) ينظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٥٠١).