للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في المبسوط (١) والأسرار (٢) (أن من أعتق نصف عبده فهو بالخيار (٣) في النِّصف الباقي، إن شاء أعتقه، وإن شاء استسعاه (٤) في النّصف الباقي في نصف قيمته، وما لم يؤدّ السّعاية فهو كالمكاتب (٥) وعند أبي يوسف (٦) ومحمد (٧) والشّافعي (٨) -رحمهم الله- (يَعتُقُ كُلّه) ولا سعايةَ عليه. لقوله -عليه السلام-: «مَن أعتق شِقصًا من عَبَدٍ فَهُوَ حُرٌ كُلُّهُ ليس لله تعالى فيه شَرِيكٌ» (٩).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٠٣). وهو لشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي سهل أَبُو بكر السَّرخسِيّ، وَتُوفِّي سنة تسع وَتِسْعين وأربعمئة.
انظر: أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون لرياض زَادَه الحنفي (١/ ٤١).
(٢) انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي لعلاء الدين البخاري الحنفي (٤/ ٢٨٣ - ٢٨٤).
الكتاب: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي ومؤلفه هو: عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين البخاري: فقيه حنفي من علماء الأصول. من أهل بخارى. له تصانيف، منها " شرح أصول البزدوي المسمى بكشف الأسرار، وله شرح الاخسيكتي وشرح الهداية إلى النكاح، تفقه على الإمام محمد المايمرغي، توفي سنة ٧٣٠ هـ.
انظر: تاج التراجم في طبقات الحنفية لقُطلُوبغا السودوني (١/ ١٨٨ - ١٨٩)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣١٧)، الأعلام للزركلي (٤/ ١٣).
(٣) الخيارُ: هو الاسمُ من الاختيارُ، وهو طلبُ خَير الأمرين، ويقال هو بالخيار يختار ما يشاء.
انظر: لسان العرب (٤/ ٣١٠)، (خير)، رد المحتار على الدُّر المختار لمحمد أمين المعروف بابن عابدين (٥/ ٧٦).
(٤) استسعى العبد: إذا كَلَّفَهُ مِن العمل ما يُؤَدِّي به عن نفسه إذا عتق بعضُه ليَعتِق به ما بقي. والسِّعايةُ، بالكسر: ما كُلِّف من ذلك.
انظر: تاج العروس (٣٨/ ٢٨١)، لسان العرب (١٤/ ٣٨٦) (سعى).
وفي عرف الفقهاء: هي ما كلف العبد من العمل تتميما لعتق نفسه.
انظر: التعريفات الفقهية (ص ١١٣)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري (٢/ ٣٧٠).
(٥) المعتق بعضه كالمكاتب: في أنه لا يباع، ولا يرث، ولا يورث ولا يتزوج، ولا تقبل شهادته، ويصير أحق بمكاسبه، ويخرج إلى الحرية بالسعاية والإعتاق، ويزول بعض الملك عنه كما يزول ملك اليد عن المكاتب، فيبقى هكذا إلى أن يؤدي السعاية.
انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)، (٣/ ٦٥٨).
والمكاتب: اسم مفعول من كاتب، يقال: كاتب عبده مُكاتبةً، والمُكاتَب: العبد الذي يكاتب على نفسه بثمنه، فإن سعى وأداه عُتق، مصدر كاتب.
انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (٥/ ١٥٨)؛ المعجم الوسيط (٢/ ٧٧٥) مختار الصحاح (١/ ٢٦٦)، أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء للقونوي الرومي الحنفي (١/ ٦١).
والمكاتبةُ في عرف الفقهاء: تحرير المملوك يدًا في الحال ورقبة في المآل، أي عند أداء البدل. قال الزيلعي: (وسمي هذا العقد كتابة ومكاتبة لأن فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة، أو لأن فيه جمعًا بين نجمين فصاعدًا، أو لأن كلاً منهما يكتب الوثيقة وهو أظهر).
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ للزيلعي (٦/ ١٦٧)، اللباب في شرح الكتاب عبد الغني الدمشقي الميداني الحنفي (٢/ ١١٧)، التعريفات (١/ ١٨٣).
(٦) الإمام القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه، من أئمة الفقه المجتهدين، وحفّاظ الحديث، وكان إليه تولية القضاء في المشرق والمغرب، أملى المسائل ونشرها، وبث عِلْم أبي حنيفة في أقطار الأرض وجلالته ووثاقته مشهورة مبسوطة. من مصنفاته: الخراج، والأمالي، والنوادر (ت ١٨٢ هـ) ببغداد.
انظر: الجواهر المضية (٣/ ٦١١)، تاج التراجم (١/ ٣١٥).
(٧) محمد بن الحسن بن فرقد أبو عبد الله الشيباني الإمام صاحب الإمام، أصله من قرية بدمشق يقال لها "حرستا" ومولده بواسط، تكرر ذكره في الهداية، صحب أبا حنيفة وأخذ عنه الفقه ثم عن أبي يوسف، ومن تلاميذه يحيى بن معين، وأبو سليمان الجوزجاني، ومعلى بن منصور، وصنف الكتب، ونشر علم أبي حنيفة ويروي الحديث عن مالك ودون الموطأ، ولى القضاء للرشيد توفي سنة سبع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة في اليوم الذي مات فيه الكسائي فقال الرشيد دفنت الفقه والعربية ورثاهما.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٤٢)، تاج التراجم (١/ ٣٢٧).
(٨) انظر: الأُم للشافعي (٧/ ١٤٢) باب في الشركة والعتق وغيره. القول بأنه إذا أعتق المولى بعض عبده عتق جميعه عند الشافعي ليس على إطلاقه، فهذا إنما هو في حالة ما إذا كان المولى مالكا لجميع العبد موسرًا كان المولى أو معسرًا، وكذلك في حالة ما إذا كان العبد مشتركا بين اثنين فأكثر، وكان المعتق موسرًا، ويقوم على المعتق حينئذٍ نصيب شريكه يوم العتق، أما إذا كان معسرًا عتق نصيب المعتق فقط. انظر: التنبيه في الفقه الشافعي للشيرازي (١/ ١٤٤)، روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي (١٢/ ١١٠ - ١١٢).
(٩) عن أَبى الْمَلِيحِ، عن أبيه، أَنَّ رَجُلاً من هُذَيلٍ أَعْتَقَ شَقِيصًا له من مَمْلُوكٍ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو حُرٌّ كُلُّهُ لَيس لِلَّهِ تبارك وتعالى شَرِيكٌ".
رواه الإمام احمد في المسند: (٣٤/ ٣١٧) مسند البصريين، حديث أُسامة الهُذَلي، رقم (٢٠٧١٦). والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣٨٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٧٤) كتاب العتق، رقم (٦٨)، بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ مِنْ مَمْلُوكِهِ شِقْصًا، رقم الحديث (٢١٣١٧).
وقال الألباني عن هذا الحديث: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للشيخ الألباني (٥/ ٣٥٩).
والشِّقْصُ والشَّقِيصُ: الطَّائِفَةُ من الشَّيْءِ والقطْعةُ من الأَرضِ.
انظر: لسان العرب (٧/ ٤٨)، (شقص)، الصحاح (٣/ ١٠٤٣).
وفي عرف الفقهاء بمثل ما جاء في اللغة: الشقص: القطعة من الأرض، والطائفة من الشيء.
انظر: البناية شرح الهداية للعيني (٩/ ٢٧٤).