للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى فيه أنّ العتق أي الإعتاق إسقاط الرّقِ، والرّق لا يتجزّى ابتداءً، وبقاءً فإسقاطه بالعتق لا يتجزى كما أن الحِلّ (١) لما كان لا يتجزى ابتداء وبقاءً.

فإبطالهُ بالطّلاقِ لا يتجزى وبَيَانُهُ أن قوله إعتاقٌ، فلا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِانْفِعَالِ العِتْقِ فِي المَحَلِّ، وبعد انفِعَالِ العِتقِ في بعضِ الشَّخصِ لو بقي الرّقُ في شيءٍ منه كان في ذلك تجزى الرّق في محلّ واحد، وذلك لا يجوز.

[٤٠٠/ أ] فإنّ الرّق عقوبةٌ وجبت على الآدمي/ بسبب الكفر في الأصل، والعقوبة لا يتصوّر وجوبها على النّصف شايعًا (٢)؛ لأنّ الذنب لا يتصوّر من النّصف دون النّصف؛ ولأن الذي يَنْبَنِي على العتق من الأحكام يُضَادُّ أحكام الرِّقِّ من الأهلية (٣)، للشّهاداتِ (٤)، والإرثِ (٥)، والولاياتِ (٦)، ولا يتصوّر اجتماع الضِّدَّيْنِ في محلّ واحد؛ ولأن اتّصال أحد النّصفين بالآخر أقوى من اتصال الجنين (٧) بالأم؛ لأنّ ذلك بِغَرض الفصل، ثم إعتاق الأم يوجب عِتق الجنين لا محالة، فإعتاق أحد النّصفين أن يوجب عتق النّصف الآخر أولى).


(١) الحل: الحلال، يقال: حل الشيء فهو حل وحلال، والمرأة: جاز تزوجها، والحلائل: النساء، والحليل: الزوج، والحليلة: الزوجة، والزوجان حليلان أي يحل كل واحد منهما لصاحبه.
انظر: الصحاح (٤/ ١٦٧٤)، المصباح المنير (١/ ١٤٧)، المعجم =الوسيط (١/ ١٩٣)، طلبة الطلبة لنجم الدين النسفي (١/ ٤١). والمقصود من كلمة الحل هنا: النكاح، وذلك لمقابلته بالطلاق.
(٢) شائع: أي متفرق، غير مقسوم، تقول: تقطر قطرة من لبن في الماء فتشيع فيه أي تفرق فيه.
وتقول: نصيب فلان شائع في جميع هذه الدار، ومشاع فيها، أي اتصل كل جزء منه بكل جزء منها، ليس بمقسوم ولا معزول.
انظر: جمهرة اللغة للأزدي (٢/ ٨٧٢)، الأزدي اللغة للهروي (٣/ ٤٠).
(شائع). كذا في (أ) و (ب) (شايعاً).
(٣) الأهلية في اللغة: الصلاحية، يقال: الأهلية لِلْأَمْرِ الصلاحية لَهُ. انظر: المعجم الوسيط (١/ ٣٢).
وفي عرف الفقهاء: أهلية الإنسان للشيء: صلاحيته لصدوره وطلبه منه وقبوله إياه، وهي ضربان: أحدهما أهلية الوجوب أي صلاحيته لوجوب الحقوق المشروعة له، وعليه، والثانية أهلية الأداء أي صلاحيته لصدور الفعل منه على وجه يعتد به شرعا. انظر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني (٢/ ٣٢١)، التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام لابن الموقت الحنفي (٢/ ١٦٤)، تيسير التحرير لأمير بادشاه الحنفي (٢/ ٢٤٩).
(٤) الشهادات جمع شهادة والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ مِنهُ: شَهِدَ الرجلُ على كذا، ورُبَّما قالوا شَهْدَ الرجلُ، بسُكُونِ الهاء لِلتَّخفِيف؛ عن الأَخفش. وقولُهم: اشهد بكذا أي احلِف.
انظر: لسان العرب (٣/ ١٣٩ - ٢٤٠)، تاج العروس (٨/ ٢٥٢)، (شهد).
وعند الفقهاء: إخبار عن عيان بلفظ الشهادة في مجلس القاضي بحق للغير على آخر. انظر: التعريفات (١/ ١٢٩).
(٥) الارث في اللغة: الميراث، وأصل الهمز فيه واو، إنما هو: ورث، فقلبت الواو ألفا مكسورة، لكسرة الواو.
انظر: الصحاح للجوهري (١/ ٢٧٢)، تاج العروس (٥/ ١٥٥)، تهذيب اللغة (١٥/ ٨٥)، (أرث).
وعند الفقهاء: انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة، فكأن الوارث لبقائه انتقل إليه بقية مال الميت. انظر: الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٨٥).
(٦) الولاية: من الولي، وهي التي تُشعر بالتَّدْبير والقُدرة والفِعل، وما لم يَجْتَمِع ذلك فيها لم يَنطَلِق عَلَيه اسم الوَالِي.
انظر: لسان العرب: (١٥/ ٤٠٧)، تاج العروس (٤٠/ ٢٤٢)، (ولي).
وعند الفقهاء: تنفيذ القول على الغير، شاء الغير أو أبى.
انظر: التعريفات (١/ ٢٥٤)، انيس الفقهاء (١/ ٩٨).
(٧) الجَنِينُ: الولد ما دام في بطن أمه لاستتاره فيه.
انظر: المحكم والمحيط الأعظم (٧/ ٢١٣)، مختار الصحاح (١/ ٦٢).