للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلَّ أبو حنيفة -رحمه الله- بدلالة الإجماع أيضًا، على أن إعتاق البعض ليس بإعتاق للكلّ، فإن المعتق إذا كان معسرًا لا يضمن، ولو كان إعتاقًا للكلّ وإتلافًا حكمًا يضمن موسرًا كان أو معسرًا، كما لو تلف بالسّيف أو بالشّهادة لإنسان، ثم رجع بعد القضاء؛ فإنّه يضمن موسراً كان أو معسرًا فالسّقوط بالعسر دليلٌ على أن للضّمان (١) حكم الصّلات (٢) بوجه ولم يتمحض (٣) ضمان إتلاف.

وإنّما يثبت حكم الصّلة من وجه إذا ثبت أنّه متجز؛ ليأخذ الضمان حكم العقوبة للعبد لما عرف في مسألة سقوط ضمان العتق بالموت.

(أمّا عتق الجنين عند إعتاق الأمّ، فليس لأجل الاتصال؛ ألا ترى أن إعتاق الجنين لم يوجب إعتاق الأم، والاتصال موجود ولكن الجنين في حكم جزء من أجزائها كيدها ورجلها، وثبوت الحكم في التبع بثبوته في المتبوع واحد النّصفين ليس ببيع للنّصف الباقي فلذلك لم يكن إعتاق أحد النّصفين موجباً العتق في النّصف الباقي) كذا في المبسوط (٤) والأسرار (٥).

قوله: والرّق حقّ الشّرع لأنّه (٦) استنكف أن يكون عبد الله فجازاه الله تعالى بأن صيّره عبد عبده، وهذا آية حق الشّرع أو حق العامة.


(١) الضمان: الضَّمِينُ: هو الكَفيلُ. ضمن الشيء وبه ضَمناً وضَمَاناً: كفل به. وضَمَّنَه إياه: كَفَّلَه.
انظر: لسان العرب (١٣/ ٢٥٧)، تاج العروس (٣٥/ ٣٣٣)، كلاهما (ضمن).
وفي عرف الفقهاء: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الاصيل في المطالبة.
انظر: التعريفات (١/ ١٨٥)، المبسوط للسرخسي (١٩/ ١٦٠).
(٢) الصلات جمع صلة، والصلة في اللغة: يقصد بها صلة الأرحام وكل ما أمر الله به أن يوصل وذلك بالإكرام والبر وحسن المراعاة، تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم (١/ ٤١٣).
وفي عرف الفقهاء: عرفت بأنها: عبارة عن أداء ما ليس بمقابلة عوض مالي، كالزكاة، وغيرها من النذور، والكفارات.
وعرفت بأنها: البر على غير جهة التعويض.
انظر: القاموس الفقهي لغة واصطلاحا لسعدي أبو حبيب (١/ ٣٨٠)، التوقيف على مهمات التعاريف (١/ ٢١٨)، والضمان له حكم الصلات؛ لأن التزام الضامن ليس بمقابلة عوض يجب للضامن على الطالب، أو المطلوب.
انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (٤/ ٨٩)، المبسوط للسرخسي (٣٠/ ١٤٧).
(٣) المَحْضُ من كُلِّ شيءٍ: الخالِصُ.
انظر: لسان العرب (٧/ ٢٢٧)، تاج العروس (١٩/ ٤٥)، كلاهما (محض).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٠٤).
(٥) انظر: كشف الاسرار (٤/ ٢٣٩).
(٦) أي الكافر.