للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال ويفسخ (١) أي يصحّ الإقالة (٢) والفسخ (٣) ملكه بالضمان، فكمل الاستيلاد (٤) لا باعتبار أن الاستيلاد غير متجزي عنده.

(فأعتق أحدهما نصيبه عتق) (٥) فإن قيل كيف يصحّ قوله عتق وعند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يثبت شيء من العتق كما لا يثبت شيء من إباحة أداء الصّلاة عند غسل بعض أعضاء الوضوء.

قلنا المراد منه ثبت استحقاق العتق، أو زال ملك الشّريك (٦) مع بقاء الرّق في كلّ العبد، وإنّما قيّد بقوله فأعتق أحدهما نصيبه، لأنّه لو أعتق أحدهما نصيب شريكه منه لم يعتق بالاتفاق؛ لأنّ ملك الغير ليس بمحلّ للعتق في حقّه، والسّراية (٧) عندهما إنّما تكون بعد مصادفة العتق محله، وهو تصرف المتصرّف في ملكه، فإذا لم يصادف محلّه كان لغوًا.


(١) الفسخُ: النقض، يقال: فسخ البيع والعزم فانفسخ أي نقضه فانتقض.
انظر: مختار الصحاح (١/ ٢٣٩)، تاج العروس (٧/ ٣١٩).
وفي عرف الفقهاء: الفسخ: رفع العقد من الأصل.
انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لشيخي زاده (٢/ ١٧٦)، تبيين الحقائق (٤/ ١٩٧).
(٢) الإقالةُ في اللغة: الفسخُ. يقالُ تقايل المتبايعان، أي تفاسخا صفقتهما.
انظر: لسان العرب (١١/ ٦٩٠ - ٦٩١)، (قيل).
وعند الفقهاء: رفع العقد.
انظر: البحر الرائق (٦/ ١١٠)، تبيين الحقائق (٤/ ٧٠).
(٣) في الكلام سقط هنا يبينه ما جاء في الهداية: "والاستيلاد متجزي عنده حتى لو استولد نصيبه من مدبرة يقتصر عليه وفي القنة لما ضمن نصيب صاحبه بالإفساد ملكه بالضمان فكمل الاستيلاد". انظر: الهداية (٢/ ٣٠١). وجاء في العناية توضيح لما ذكر: ( … وأما الاستيلاد فهو متجز عنده حتى لو استولد نصيبه من مدبرة يقتصر عليه) حتى لو مات المستولد عتق من جميع ماله. فإن قيل: لو كان الاستيلاد متجزئا لا طرد في القنة أيضا. أجاب بأنه إنما لم يتجزأ في القنة؛ لأن المستولد لما ضمن نصيب صاحبه بالإفساد ملكه بالضمان فكمل الاستيلاد وصار كأنه استولد جارية نفسه لا أن الاستيلاد عنده غير متجز.
انظر: العناية (٤/ ٤٦٠).
(٤) الاستيلاد لغةً: طلبُ الولد، يقال: استولد الرجل طلب الولد.
وفي عرف الفقهاء: طلب الولد من الأمة.
انظر: البحر الرائق (٤/ ٢٩١)، تبيين الحقائق (٣/ ١٠٠). "سيأتي له باب خاص في هذا البحث بمشيئة الله".
(٥) "وإذا كان العبد بين شريكين" فأعتق أحدهما نصيبه عتق. هذا هو الصواب.
انظر: الهداية (٢/ ٣٠١).
(٦) شرك: الشِّركةُ والشَّركة سَواءٌ: مُخَالطةُ الشَّريكين. يقال: اشتركنا بمعنى تشاركنا، وقد اشتَرَك الرَّجُلان وتشاركا وشارك أحدُهما الآخر؛ وأشرك فلانٌ فلانًا في البيع إذا أَدخله مع نفسه فيه.
انظر: لسان العرب (١٠/ ١٤٨ - ١٥٠)، (شرك).
(٧) السِّرَايَةُ في اللُّغة: يفهم معناها بالنظر إلى مشتقات المصدر، يقال: سَرَيتُ اللَّيل، وسَرَيتُ به سَريًّا إذا قطعتُهُ بالسَّير، وسرى فيه السم والخمر ونحوهما، وسرى عليه الهم أتاه ليلا وسرى همه ذهب.
وقول الفقهاء سرى الجرح إلى النفس معناه دام ألمه حتى حدث منه الموت وقطع كفه فسرى إلى ساعده أي تعدى أثر الجرح وسرى التحريم وسرى العتق.
انظر: المصباح المنير (١/ ٢٧٥)، تاج العروس (٣٨/ ٢٦١) كلاهما (سري).
وفي عرف الفقهاء لا يختلف عما هو في اللغة، فيقال: سرى الجرح في الصيد يسري سراية تعدى عن الجرح فصار قتلا وسرى الجرح إلى النفس: دام ألمه حتى حدث منه الموت.
انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (١/ ٣٤)، القاموس الفقهي (١/ ١٧١).
ومعناه أنَّ من أعتق نَصيبًا له في عبدٍ مُشتَركٍ بينه وبين غيره فإنَّهُ يُعتِقُ نصِيبَهُ من العبد ويَسرِي العِتقُ إلى الباقي.
انظر: المنثور للزركشي (٢/ ٢٠٠).