للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقياس (١) فيه إمَّا وجوب الضّمان على المعتق، موسرًا كان، أو معسرًا؛ لأنّه بإعتاق نصيبه مُفسد على الشّريك نصيبه، فإنّه يتعذّر عليه استدامة ملكه، والتّصرف في نصيبه، وضمان الإفساد لا يختلف باليسار والإعسار.

والقياس الثّاني: أن لا يجب ضمان على المعتق بحال؛ لأنّه متصرّف في نصيب نفسه، والمتصرّف في ملكه لا يكون متعدّيًا، ولا يلزمه الضّمان، وإن تعدّى ضرر تصرّفه إلى ملك الغير، كمن سقى أرضه فَنَزَّت (٢) أرض جاره، أو أحرق الحصايد (٣) في أرضه فاحترق شيء من ملك جاره.

ولكنّا تركنا القياس للآثار فمنها ما روى نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهم- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نَصِيبَهُ فِي الْمَمْلُوكِ: إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَسْعَى فِي حِصَّةِ الْآخَرِ» (٤) وهكذا روى عروة عن عائشة -رضي الله عنها- كذا في المبسوط (٥).


(١) القياس لغةً: تقدير الشيء بالشيء، من قاس الشيء يقيسه قيساً وقياساً.
انظر: الصحاح (٣/ ٩٦٨)، لسان العرب (٦/ ١٧٨)، كلاهما (قيس).
وفي عرف الفقهاء: الحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي، لاتحاد بينهما في العلة. والمقصود هنا هو: مساواة محل لآخر في علة حكم له شرعي لا تدرك من نصه بمجرد فهم اللغة.
انظر: غاية الوصول في شرح لب الأصول للسنيكي (١/ ١١٦) التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام (٣/ ١١٧)، التلخيص في اصول الفقه للجويني (٣/ ١٤٦).
(٢) نَزَّت النَّزُ هو: النَّدَى السَّائِلُ الذي يخرج من الأرض، وهو ما اجتمع من رشح الأرض حتى يستنقع فيصير ماء، والنز: هو ما تحلب من الأرض من الماء.
انظر: جمهرة اللغة (١/ ١٣١)، تهذيب اللغة (١٣/ ١١٧)، المصباح المنير (٢/ ٦٠٠)، (نزز).
(٣) الحصائد: جمع واحدتها حصيد، وحصيدة، يقال: حصد الزرع: جزه فهو حصيد، والحصيد: الزرع المحصود، والحصيدة: الحصيد، أسافل الزرع التي تبقى لا يتمكن منها المنجل.
انظر: لسان العرب (٣/ ١٥٣)، أساس البلاغة للزمخشري (١/ ١٩٢)، المعجم الوسيط (١/ ١٧٨)، (حصد).
(٤) الحديث ورواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أَعْتَقَ شِقصًا له في عبدٍ، أُعتِقَ كُلُّهُ، إن كان له مالٌ، وإلا يُستسعَ غير مشقُوقٍ عليهِ»، في (٣/ ١٤١)، كتاب الشركة رقم (٤٧)، باب الشركة في الرقيق، رقم (٢٥٠٤)، ومسلم (٢/ ١١٤٠)، كتاب العتق، رقم (٢٠)، باب ذِكر سِعَاية العبد رقم (١)، رقم الحديث (١٥٠٣).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٠٤).