للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان أعتقه أحد الشّريكين في مرض موته وهو موسر ثم مات لا يؤخذ ضمان العتق من تركته في قول أبي حنيفة -رحمه الله- بل يسقط؛ لأنّ الضّمان إنّما يجب عليه بطريق التّحمل والصّلة والصّلات تسقط بالموت قبل الأداء وعندهما يؤخذ الضّمان من تركته؛ لأنّ الضّمان واجب عليه بجهة الأصالة؛ لأنّه أتلف نصيب السّاكت وضمان الإتلاف يكون على المتلف ولا يسقط بموته وإنما عرف استسعاء العبد عند عسرته نصًا بخلاف القياس؛ لأنّ به أي بيسار التّيسير (١).

قوله: والاستسعاء معطوف على "والتّضمين" (٢).

قوله: لما بيّنا (٣) إشارة إلى قوله وله أنّه احتبست مالية نصيبه ولفظ احتَبَست بفتح التّاء والباء على بناء الفاعل هكذا كان مقيّدًا بقيد شيخي -رحمه الله- (٤).

وقد كان له ذلك بالاستسعاء، أي وقد كان للسّاكت الرجوع على العبد بالاستسعاء فكذلك للمعتق (٥)؛ لأنّه قام مقام السّاكت كالمدبّر (٦) إذا قتل في يد الغاصب (٧) وضمن الغاصب كان له أن يرجع بما ضمن على القاتل، كذا في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٨).


(١) المعتبر في يسار المعتق الذي يجب به عليه ضمان قيمة نصيب شريكه هو يسار التيسير؛ لأن بيسار التيسير يعتدل النظر من الجانبين بتحقيق ما قصده المعتق من القربة وإيصال بدل حق الساكت إليه.
انظر: الهداية (٢/ ٣٠٢).
(٢) إشارة إلى ما مر في قوله: "وإن كان السّاكت صغيراً والمعتق موسر، فولي الصّغير، يخير بين التّضمين، والاستسعاء، عند أبي حنيفة" سبق ذلك ص (١١٤).
(٣) " لما بينا " الذي مر هو قوله " لما قلناه " وهو بمعناه، وهو يشير بقوله " لما بينا " إلى ما أشار إليه بقوله لما قلناه حيث قال " لما قلناه وهو قوله: وله: أنَّه احتَبَسَت مالِيَّةُ نَصِيبِهِ عند العَبدِ" سبق ذلك ص (١١٦).
(٤) جاء في البناية (٦/ ٣٩)، قال السفناقي: هكذا كان مقيداً بخط شيخي.
(٥) في هذا إشارة إلى قول أبي حنيفة -رحمه الله-: يرجع المعتق بما ضمن على العبد؛ لأنه قام مقام الساكت بأداء الضمان وقد كان له ذلك بالاستسعاء فكذلك للمعتق.
انظر: الهداية (٢/ ٣٠٢).
(٦) المدبّرُ، المدبّرةُ: هو من أُعتق عن دُبُر. والتدبيرُ: تعليقُ العتقِ بالموت.
انظر: دُرر الحكام في شرح غُرر الأحكام لعلي حيدر خواجه أمين أفندي (٢/ ١٧)، التوقيف على مهمات التعاريف (٦٤٦).
(٧) وضمن الغاصب: أي: قيمة المدبر. انظر: العناية (٤/ ٤٦٩).
(٨) انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (٤/ ٦٤٨)، ويوجد ذلك بمعناه في العناية (٤/ ٤٦٩).