للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو شهد كل واحد من الشريكين على الآخر بالعتق (١) أي بالإعتاق في زعمه، أي في زعم كلّ واحد منهما عنده أي عند أبي حنيفة -رحمه الله- وحرم عليه الاسترقاق (٢)، أي على كلّ واحد منهما فيصدق أي كل واحد منهما في حق نفسه؛ لأنّه مكاتبة أي على تقدير الصّدق أو مملوكة أي على تقدير الكذب كان من حق اللَّفِ والنَّشرِ (٣) أن يقال صادقًا كان أو كاذبًا؛ لأنّه مكاتبه أو مملوكه.


(١) يبدأ من هنا التوضيح لبعض العبارات التي جاءت في الهداية بدءا من قوله: " ولو شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق سعى العبد لكل واحد منهما في نصيبه موسرين كانا أو معسرين عند أبي حنيفة -رحمه الله- "، وكذا إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا لأن كل واحد منهما يزعم أن صاحبه أعتق نصيبه فصار مكاتبا في زعمه عنده وحرم عليه الاسترقاق فيصدق في حق نفسه فيمنع من استرقاقه ويستسعيه لأنا تيقنا بحق الاستسعاء كاذبا كان أو صادقا؛ لأنه مكاتبه أو مملوكه فلهذا يستسعيانه ولا يختلف ذلك باليسار والإعسار؛ لأن حقه في الحالين في أحد شيئين لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده وقد تعذر التضمين لإنكار الشريك فتعين الآخر وهو السعاية والولاء لهما؛ لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي" " وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- إن كانا موسرين فلا سعاية عليه " لأن كل واحد منهما يتبرأ عن سعايته بدعوى العتاق على صاحبه؛ لأن يسار المعتق يمنع السعاية عندهما إلا أن الدعوى لم تثبت لإنكار الآخر والبراءة عن السعاية قد ثبتت لإقراره على نفسه " وإن كانا معسرين سعى لهما " لأن كل واحد منهما يدعي السعاية عليه صادقا كان أو كاذبا على ما بيناه إذ المعتق معسر " انظر: الهداية (٢/ ٣٠٣).
(٢) الاسترقاق: ضرب الرق على الادمي الحر، ضرب الرق على أسرى الحرب أو السبي.
انظر: معجم لغة الفقهاء (١/ ٦١).
(٣) اللف والنشر أي المرتب. ومعنى اللف والنشر: هو أن تلف شيئين ثم تأتي بتفسيرهما جملة؛ ثقة بأن السامع يرد إلى كل واحد منهما ما له.
انظر: التعريفات (١/ ١٩٣)، التوقيف على مهمات التعاريف (١/ ٢٩٠).
واللف والنشر قسمان: اللف والنشر المرتب، واللف والنشر المشوش.
انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا الهروي القاري (٥/ ٢١٧٣)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)، (٢/ ٧٦).
اللف والنشر المرتب هو أن يرجع الأول للأول والثاني للثاني.
انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٨٩)، نحو قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً}، سورة الجن آية (١٤ - ١٥)، واللف =والنشر المشوش، نحو. قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} سورة آل عمران آية: (١٠٦).